من تجزئة أربعين جزءا. لم أجد منها سوى ست وثلاثين ربطة. وهو في غاية الاختلال، لسوء الحظ، وعدم الضبط. ولو لم يكن تكرر وقوفي على خطة في زمن الوالد، وعرفت اصطلاحه، في تعليقه. لما قدرت على قراءة حرف منه غير أني عرفت طريقته في خطه واصطلاحه، وتحققت فساده من صلاحه (1) ، ووقفت منه على أوراق في مفرقات ومفردات. وجزازات تفعل في مطالعها ما لا تفعل الزجاجات. فضممت ما وجدت منه وجدت منه بعضه إلى بعض. وأحرزته بتجليده من الأرضة والقرض.
ورأيته (2) قد جمع فيها أشياء لم يقصد بها سوى تكثير حجم الكتاب، ولم يراع فيه التكرار، ولا ما تمجه أسماع ذوي الألباب. فاستخرت الله في تعليق ما يحتار منه ورغبت في إبرازه إلى الوجود، فإنه ما دام بخطه لا يفهم أحد شيئا عنه. فأخذت زبده، ورميت زبده، وأوردت تكرره، وتركت مكرره، وبذلت في تنقيص جهدي، وجعلته سميري أوقات هزلي وجدي، فإنه روضة المطالع، ونزهة القلوب والمسامع، ويسر به الخاطر، ويقر به الناظر (3) ، وسميته:
" سرور النفس بمدارك الحواس الخمس "
وإلى الله الرغبة في الصفح عن مصنفه وعني، والعفو عما أثبتناه بقلمينا فإن العفو غاية التمني.
Sayfa 2