Sokrat: Cesaret Edip Soran Adam
سقراط: الرجل الذي جرؤ على السؤال
Türler
ووجد سقراط أن المعلمين المحترفين لم يكونوا خيرا من ذلك، فلم يكن لديهم شيء لا تملكه عامة الناس، سوى مدد كبير من المعارف وتدريب على براعة الحديث، وحتى أكثرهم شهرة بين الناس: السفسطائيون أو «المفكرون الحكماء» الذين زعموا أنهم يبشرون بفن الحياة الخيرة الناجحة، يظهر أنه لم تكن لديهم معرفة حقة بما كانوا يبشرون به.
وتلقى سقراط على أحد السفسطائيين درسا قصيرا لم يكلفه كثيرا، وتحدث إلى أكثرهم، وتخلى عن محاولة التعلم على يديهم، كما تخلى عن محاولة التعلم على أيدي رجال العلم من قبل، وقرر أن الخبراء في الخير ليسوا أولئك الذين يعلمون الخير، إنما هم من يملكونه.
ولذا فحيثما ذهب سقراط كان يبحث عن خبير، وكان يختبر الناس في صيغ الخير نفسها التي كان مفروضا أن يعرفوا أكبر قدر عنها، وكانت تلك ميزة للطرفين، كانت ميزة لسقراط في بحثه عن الإدراك، كما تبين أنها في صالح الخبراء أنفسهم كذلك.
لم يسبق سقراط سائل مثله، ويلذ لنا أن نرى كيف كان يفعل ذلك، خذ لذلك مثلا حديثه مع لاخيس، إن أي حديث لسقراط مما دونه أفلاطون جدير بالتمعن في قراءته، ولكن حديثه مع لاخيس حديث يصلح للبدء به، لم يكن لاخيس رجلا بارعا جدا، وقد تحدث مع سقراط عن لون من ألوان الخير يعرف عنه كل امرئ شيئا ما، وذلك هو الشجاعة.
وكما اعتاد سقراط، اختار الرجل الصحيح ليوجه إليه السؤال، وكان لاخيس قائدا أثينيا معروفا، ولم يكن مجرد سياسي كبعض الآخرين، وإنما كان رجلا يجعل من الحرب عملا له أهميته، ولو كان هناك من الأمور ما يعلمه، فذلك هو القتال، وقد سأله وزميله القائد نسياس بعض الأصدقاء النصيحة بشأن تربية أبنائهم تربية عسكرية، واستدعوا سقراط يستعينون به.
ونزل القواد إلى الملعب مع أصدقائهم وأبناء أصدقائهم لكي يشهدوا عرضا، وكان أحد معلمي القتال بالدرع يقوم بالعرض، ويأمل أن يجتذب إليه بعض التلاميذ الجدد، وراقبه لاخيس ونسياس برهة من الزمن، ثم شرعا يتناقشان إن كان هذا الضرب من التدريب نافعا أو غير نافع في المعركة الحقة.
وظن نسياس أنه نافع، أما لاخيس فلم يكن واثقا من ذلك مثله، وقال: «بمناسبة الحديث عن العروض، لقد شهدت هذا الرجل عينه يعرض فنه على صورة أخرى من زمان ليس ببعيد، كان واحدا من رجالي، وقد أتى على ظهر السفينة برمح جديد من اختراعه، مقوس كالمنجل، وكان مفروضا أنه يؤدي أعمالا جليلة، ولكي أوجز الكلام أقول: إن رمحه الذي يشبه المنجل اشتبك في حبال سفينة من سفن العدو أثناء قتالنا ونحن مبحرون، فاجتذبه ولم يستطع تخليصه، واضطر إلى أن يعدو على ظهر السفينة خلال مجراها كي يمسك بالمقبض، وأخيرا ألقى عليه أحدهم حجرا سقطت عند قدميه، فترك الرمح وانطلق، وقد ضحك منه الملاحون في كلتا السفينتين، ولم يسعنا غير ذلك، ويا ليتك رأيت الرمح مدلى من الحبال!» وضحك لاخيس من هذه الذكرى، ثم أضاف قائلا: «وإني لجاد حين أشك في أن هذا المعلم بما لديه من مهارات آلية ومن حيل يصلح لمهام الأمور، ماذا ترى يا سقراط؟ بعضهم يؤيده، وبعضهم يعارضه، وعندك الصوت المرجح.»
ولم يكن سقراط يحب أن يتبين الحق من الباطل بعد الأنوف، فأشار قائلا: «ألا تظن أن في أمر هام كتربية أبناء أصدقائك ينبغي لنا أن نبحث عن خبير لنأخذ بمشورته؟»
وبدا هذا الاقتراح مقبولا.
فتساءل سقراط قائلا: «إذن فيم ينبغي أن يكون خبيرنا خبيرا؟»
Bilinmeyen sayfa