فأكدت مرة أخرى أنني سأجد المورد اللازم. عندئذ قال الزميل پو: إننا إذا اعتزمنا حقا أن نعيد الكرة وجب علينا أن نبعث بأحد الزملاء مزودا ببضعة آلاف ريال إلى إقليم زشوان لتثبيت الإخوان هناك وصرفهم عن نية التفرق، وحل الجماعة، وبهذا دون غيره يحق لنا أن نأمل في تأليف لجنة جديدة واستئناف الصراع. قال الزميل پو: وعلينا حتما أن نرجع إلى هونج كونج لمعاودة البحث وأن نمد زشوان توا بخمسة آلاف ريال، فإذا انتوينا المثابرة على الكفاح كان لزاما علينا أن نحصل على عدة آلاف من الريالات.
فأرسلت في طلب المهاجرين الصينيين الذين يشعرون مثل شعورنا، وأسفر الاجتماع عن التبرع بثمانية آلاف ريال، والاتفاق على إيفاد الرسل إلى الأقاليم والجهات المختلفة لجمع ما نحتاج إليه، فاجتمع لنا خلال أيام مبلغ يتراوح بين ستين ألف وسبعين ألف ريال.
فوضعنا خطة العمل، وبدأت أنا فسافرت إلى المنطقة الهولندية فلم يؤذن لي بالنزول ولا بالذهاب من ثم إلى المنطقة الإنجليزية، فلم يبق لي معدى أن أحول وجهتي إلى أوروبة أو أمريكا، فقصدت أمريكا وجعلت انتقل خلالها من ركن إلى ركن؛ أثير حمية المهاجرين الصينيين وأحضهم على المساعدة بالمال لتأدية قضية الثورة، فلقيت أفواجا كثيرين من المؤيدين أثناء هذه الرحلة.
وكانت الثورة قد نشبت في ودشانج عند وصولي إلى كولومبيا، وقبل ذلك بعشرة أيام تلقيت برقية من هوان كاي سيانج بهونج كونج لم أفسرها؛ لأن الجفر كان في حقيبتي، ولم أعرف فحواها إلا بعد نزولي بإحدى المدن من ولاية كولمبيا، فعلمت منها أن تسوي شن وصل إلى هونج كونج وأبلغهم أن المدد المالي مطلوب عاجلا لإمداد حركة الجنود الحديثة التدريب، وإذ كنت ساعتها لا أملك مالا خطر لي أن أبرق إليهم بإرجاء الحركة، ولكن الليل أدركني وأثقلني تعب الرحلة فأجلت الإبراق إليهم حتى الصباح عسى أن ينفسح الوقت مع ذلك لتقليب المسألة على جميع الوجوه.
وبكرت لتناول طعام الإفطار فلم أكد أصل إلى المطعم حتى رأيت ثمة صحيفة صباحية فتحتها فإذا هي تروي بلسان البرق خبرا عن استيلاء جنود الثورة على ووشانج، فبادرت بالإبراق إلى هوان كاي سيانج موضحا له سبب سكوتي، وكان من الميسور أن أصل إلى شنغهاي بعد عشرين يوما للمشاركة في الثورة؛ لولا أن الجبهة الدبلوماسية كانت في تلك اللحظة أهم حتى من النشاط العسكري، فصممت العزم على متابعة المسائل الدبلوماسية وألا أعود إلى الوطن حتى نستقر من هذه المسائل على قرار.
كان الموقف السياسي يومئذ كما يلي: أمريكا أعلنت فيما يتعلق بالصين سياسة الباب المفتوح والمحافظة على سيادتها، ولكنها لم تتخذ موقفا محدودا من ناحية الثورة، إلا أن الرأي العام الأمريكي كان مؤازرا لحركتنا.
أما الموقف من جانب الحكومة الفرنسية والشعب الفرنسي فهو موقف عطف على الحركة.
أما في إنجلترا فقد كان الشعب معنا وكانت الحكومة تعارض الثورة، ووضح لنا أن ألمانيا وروسيا كانتا تناصران أسرة تاي تسنج، والعلاقة بين ثوارنا وشعبهما واهية لا تتيح لنا أن نستعين بهما على توجيه سياسة الحكومتين. وبقيت اليابان القريبة منا وبين خير أبنائها أناس ناصرونا وبذلوا حياتهم فدى لقضية الثورة، إلا أن سياسة الحكومة اليابانية لم تكن جلية، وقد نرى قياسا على الماضي أنها تسلك منها مسألة المعارضة، فقد نفتني مرة وحظرت نزولي إلى أرضها مرة أخرى.
وابتداء من سنة 1900 تقرر ألا تعمل دولة من الدول على انفراد في شئون الصين، وكان عدد الدول التي تهتم بالصين ستا في ذلك الحين، اثنتان منها - وهما أمريكا وفرنسا - إلى جانب الثورة، واثنتان - وهما ألمانيا وروسيا - تعارضانها، ولم تعين إنجلترا سياستها، ولكن الشعب الإنجليزي أبدى دلائل العطف عليها، وأيدها شعور الأمة اليابانية مع جنوح الحكومة اليابانية إلى معارضتها.
وكذلك كانت مسألة المسلك الدولي مسألة مهمة في حساب الثورة الصينية، وأهمه عندنا حينئذ مسلك إنجلترا؛ لأننا قدرنا أنها إذا سلكت قبل الثورة مسلكا لم تلبث اليابان أن تحذو حذوها، فانتويت من أجل هذا الشخوص إلى إنجلترا.
Bilinmeyen sayfa