فقال بحرارة: بل تعرفينني ... لا داعي للإنكار!
ثم مستدركا بنفس الحرارة: لا أمل عندي في قبول أي عذر، ولكن لدينا ما نتحدث عنه. - أنا لا أعرف ودعني أمر.
فقال بائسا: يجب أن نتحدث، هذا أمر لا بد منه، وأنا أتعس مما تتصورين!
فقالت بغضب: اذهب ... اختف ... هذا خير ما تفعل. - ولكني أكاد أجن، من الطفلة يا ريري؟! - أي طفلة؟ - الطفلة التي جلست على حجرك منذ ساعات، ثم دخلت هذه العمارة مع خادمتها، رأيتك مصادفة، ثم رأيتها، وتبعتها حتى دخلت العمارة، أؤكد لك أنني أتعس مما تتصورين.
فقالت بإصرار: لا أدري شيئا عما تتحدث عنه. اذهب، فهذا خير ما تفعل. - إني أكاد أجن، يجب أن تتكلمي، هي ابنتي يا ريري. يجب أن تتكلمي.
فصاحت به في الشارع الصامت: ابعد عن وجهي، أنت أعمى ومجنون، ويجب أن تختفي. - ولكن قلبي حدثني بكل شيء. - إنه كذاب مثلك، هذا كل ما في الأمر. - لا بد أن تتكلمي، الجنون يعصف برأسي، أنا أعلم مدى نذالتي، ولكن يجب أن تتكلمي، قولي إن البنت هي ابنتي! - ليس عندي ما أقوله لك سوى أن تذهب وأن تختفي. - أنا أعلم أنني أستحق عذاب الجحيم ، ولكن لدي فرصة لصنع شيء طيب فلا تضيعيها علي.
فصاحت به كالزوبعة: اذهب ولا ترني وجهك. - ريري، أصغي إلي، ألا ترين أنني سأطالبك بالكلام ولو مت موتا!
30
رجع إلى مسكنه قبيل الفجر بعد أن هام على وجهه طويلا في الكورنيش ولا ثاني له. لم يسمع هدير البحر ولم ير نجما واحدا، ووجد قدرية ساهرة في انتظاره على غاية من القلق والاستياء، أوشك أن يعترف لها بكل شيء، ولو كان آنس من ريري بادرة تشجيع واحدة لاعترف، لكنه لم ير بدا من أن يقول لها إن مقاومة عادته السيئة تدفعه إلى التسكع على الكورنيش حتى الفجر. وقال لنفسه وهو يستلقي على الفراش: اللعنة ... اللعنة ... يجب أن تقتلع هذه الحياة الكاذبة من جذورها، إما حياة جديدة أو لا مناص من الردة إلى القمار والكونياك وأحاديث العجائز بركن البوديجا.
وفي مساء اليوم التالي صحبها كارها إلى سينما ريو، ثم تناولا العشاء في تافرنا ثم أوصلها إلى البيت ثم مضى وهو يقول: نامي يا عزيزتي واشبعي نوما ودعيني أعالج نفسي.
Bilinmeyen sayfa