فحدجته باستغراب قائلة: ولكنك لست كالآخرين!
فوخزه قولها كطعنة في العين، وترنح خياله منذعرا بين التحف ورصيد البنك، ثم قال: إنهم ينتقمون منا باسم التطهير.
امتد بصرها عفوا إلى تمثال برونزي لفارس مغربي يمتطي جوادا، كأنما تستلهمه الرأي، ثم تمتمت: تصرف غير لائق!
فتشجع قائلا: سوف أجد عملا خيرا من وظيفتي.
وابتسمت كأنما لتعتذر عن فتورها المتزايد، وتساءلت: أين؟
وتساءل هو عن مدى حبها وعما تضمره له الأيام من غدر جديد، ولعن في سره صورة رئيس لجنة التطهير التي اقتحمت خياله فجأة، ثم أجاب: في شركة أو في العمل الحر.
وبرز طرف لسانها ليرطب شفتيها في حركة طبيعية وشت بنسيانها لنفسها، فأدرك مدى الخيبة التي تعانيها، وقال برجاء: دعيني أستمد القوة منك!
فابتسم فوها وحده وغمغمت: أتمنى لك النجاح.
فطرح يده على يدها المبسوطة فوق ذراع المقعد وقال فيما يشبه الهمس: الحزب يهزأ بأمثال هذه المشكلات بكل بساطة. - نعم .. نعم.
قد تكون فاترة الطبع، ولكنها تحبه بلا ريب، وجاءه دافع قهار ليضمها إلى صدره، فمال نحوها وطوقها بذراعه، وعندما رشقته بنظرة مخملية واستسلم جذعها لذراعه تطايرت من كمده شرارة جنسية مباغتة فانكفأ بوجهه على وجهها ضاغطا بشفتيه المتوثبتين شفتيها الرقيقتين مذعنا لتحريض شهوة طامحة للعزاء، ولكنها أوقفته براحة مبسوطة، وأدارت وجهها لتتخلص من هجمته، فانفصلا وهما يلهثان، وانفصلا أكثر بصمت رهيب تبادلا فيه العتاب من ناحية والاعتذار من ناحية أخرى عن طريق قراءة الأفكار المحمومة، ثم خرج صوته من المعمعة كسيرا وهو يقول: سلوى .. أنا أحبك .. حياتي كلها تتلخص في شيء واحد، هو أنت.
Bilinmeyen sayfa