Sultan Mehmed Fatih: İstanbul'un Fatihi
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
Türler
تولى الإشراف على أمور الدولة العثمانية، وهو أعز ما يكون نضارة في الشباب وقوة في الجسم، تولى الملك وهو في الحادية والعشرين من عمره، ولد في 26 رجب سنة 833 هجرية/20 أبريل سنة 1429 ميلادية، ولا ريب أن هذه سن مبكرة لمن يتولى مهام الحكم الجسيمة لدولة عظيمة ناشئة كالدولة العثمانية. ولكن والده السلطان مراد الثاني كان قد اهتم بتربيته اهتماما خاصا، وأحسن اختيار من يقوم على تعليمه وتدريبه.
لقد تدرب محمد على أمور الملك عمليا قبل وفاة والده؛ فلقد تولى أمور السلطنة فعلا مرتين حينما آثر السلطان مراد الثاني اعتزال الملك والانصراف إلى حياة الراحة والإخلاد إلى السكينة. عرف محمد كيف يتحمل المسئولية في حياة أبيه، وعرف كيف يواجه مشاكل الدولة والحكومة، وخبر الرجال، وكشف مواطن الضعف في نفسه وعمل على معالجتها، ودرس نظم الدولة الداخلية وقدر مهمتها الخارجية ومشاكلها الدولية. ومما يروى أثناء توليه السلطنة في حياة أبيه أنه باشر أعمال الملك بنشاط وحماس، ولم يلتفت إلى آراء ذوي الخبرة ممن حوله من وزراء أبيه مما اضطرهم إلى شكواه إلى والده، فلقد بعث خليل باشا الصدر الأعظم إلى مراد بخطاب يقول فيه: «إن هذا السلطان لا زال صغيرا في السن وليس لديه اضطلاع بأمور الملك، وليست له التجربة الكافية، وخاصة في الأمور الحربية، ومما يزيد الحالة سوءا أنه لا يستمع لغير نفسه ويرفض تقبل النصائح التي تسدى له بدرجة أنك إذا لم ترجع إلى العرش سيصبح شعبنا في خطر عظيم.»
كان هذا درسا للسلطان الصغير لم ينسه طول حياته؛ فلقد عرف كيف يستمع لنصيحة والده، ويقدر من حوله وكيف يدرس الأمور بنفسه، وكيف يحسن سياستها، وينحني أمام العاصفة إلى أن تنتهي، عرف محمد كيف يضبط نفسه، وكيف يدرس خدامه وجنوده، ولا سيما الإنكشارية، فخبر اقتدارهم على الخير والشر، فاهتم بمسائل النظام أعظم اهتمام.
وجد محمد الثاني أبا له من أعظم سلاطين آل عثمان ، وكانت أمه مسيحية كما تقص رواية حياته، فامتزجت فيه أحسن صفات الشرق والغرب في ذلك الوقت، وإذا كان للوراثة والبيئة أثر مهم في حياة الإنسان وصفاته وأخلاقه؛ فلقد ورث عن أبيه الجلد والشجاعة وشدة المراس والصبر على المكاره وعدم اليأس، كما أخذ عنه المعرفة بأمور الحرب، والإتقان في وضع الخطط الحربية وحصار المدن وقيادة العمليات الحربية.
كان السلطان محمد الثاني قمحي اللون، متوسط الطول، متين العضلات، كبير الثقة بنفسه، ذا بصر ثاقب، وذكاء حاد، ومقدرة على تحمل المشاق، يحسن ركوب الخيل واستعمال السلاح. كان محبا للتفوق، ميالا للسيطرة، طموحا سريعا في فهم المواقف، يحسن معالجة الأمور، كبير اليقظة، يحيط بتفاصيل الأشياء ويدرك بسرعة أهم مواضعها.
علمه أبوه فأحسن تعليمه، فنشأ ذلك الرجل مثقفا ثقافة حقيقية كأحسن ما تكون ثقافة إنسانية شرقية في عصره، فلقد كان ملما بجملة لغات أجنبية، فكان يحسن إلى جانب لغته الأصلية التركية: العربية والفارسية والإغريقية، ويفهم الإيطالية، وكان بجانب إلمامه بهذه اللغات واسع الاطلاع في آدابها يتذوق الجميل منها.
نشأ مهتما بدراسة التاريخ مغرما بقراءة سير العظماء والأبطال، فقرأ بإمعان حياة القياصرة أوغسطس وقسطنطين الأكبر وتيودوسيوس الأكبر، وأعجب بشخصية الإسكندر الأكبر المقدوني أيما إعجاب، فلقد لمح فيها صورة من نفسه، رأى فيها قوة النفس وصحة العزم وسرعة التنفيذ بعد إحكام الخطة وعدم التردد. كان ذهنه كذهن الإسكندر من قبله مملوءا بالمشاريع، مكتظا بالخطط، وكان عقله خزانة لأسراره فهو يحتفظ بها، يكتمها ولا يعلن بها إلى أحد إلا في الوقت المناسب حينما يقدم على تنفيذها.
كان محمد الثاني يحب الفنون لا سيما الموسيقى والرسم، ويتذوق الأدب ويحفظ الشعر الجميل ويقوله، ويهتم بدراسة الفلك، وكان يحسن استغلال دراساته في تقويم نفسه وإصلاح عقله والتأثير على المحيطين به.
ولكن حياته كانت حب الحرب فاضطلع بفنونها أيما اضطلاع، وما كان يعلم بأي اختراع حربي إلا ويكون السباق إلى معرفته واستكماله والاستفادة منه، ومن ذلك اهتمامه الكبير بالمدفعية وبالبحرية.
كانت حياته بسيطة لا تعدو القراءة والتدرب على الحرب ثم الصيد ، كان عدوا للترف، منصرفا عن حياة إرضاء الشهوات، كانت عاداته غير معقدة، ومائدته بسيطة، ولم يكن له ندماء ولا محظيات بالمعنى الذي يفهمه سلاطين ذلك العصر الماضي وملوكه، فعاش وحيدا بعيدا عن الاختلاط المبتذل في جو كله هدوء، كله ثقافة وعلم، أو جو صاخب هو جو الهيجاء والنزال والنضال والحرب.
Bilinmeyen sayfa