Sultan Mehmed Fatih: İstanbul'un Fatihi
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
Türler
ثم أمرهم عند ذلك بالرجوع إلى أماكنهم وتناول طعامهم والاستراحة والإخلاد إلى السكينة التامة حتى مطلع الفجر فتأتيهم الأوامر بالقتال وعندئذ عليهم بالهجوم العام.
وأعطى تعليماته لقواده العظام؛ فالأسطول يقترب من الأسوار ويهاجمها من ناحية القرن الذهبي، وزوغنوس باشا يهاجم الأسوار التي تقع في ناحيته. وعلى صاريجه باشا أن يقوم بهجوم عام في المنطقة التي تكثر بها الثغرات، وأما إسحق باشا ومحمود باشا اللذان يقودان الجيوش الآسيوية أو جيوش الأناضول فيقومان بالهجوم من ناحيتها. ويقوم فريق بتسلق الأسوار يعضدهم فريق آخر بجانبهم، وأن يشتد الهجوم في منطقة باب القديس رومانوس حيث يوجد جون جوستينياني وتابعوه من الإيطاليين والأجانب.
وفي نفس المدينة الحزينة قامت الاستعدادات اليائسة، فلقد علم سكانها بالهجوم العام الذي سيباغتهم، ووقف كل منهم في موضعه المخصص. وتخيل فريق آخر من أهالي القسطنطينية أن سكون المعسكر التركي معناه استعداده لترك الحصار ومغادرة المدينة، ولكن الفريق الأكبر كان على يقين بأن الهجوم التركي العام قادم لا ريب فيه.
وعم الحزن المدينة، وأيقنت بالهلاك، وبكى رجال الدين عاقبة الفساد في هذه الدنيا، وسوء تصرف المسيحيين حتى حاق بهم هذا الوبال، وأحاط بهم العذاب وتضاعفت عليهم الهموم من كل جانب. وظن الكاثوليك أن سبب ذلك الوبال رفض الأرثوذكس قبول المذهب الكاثوليكي، وظن الأرثوذكس أن ذلك العذاب نتيجة لقبول الدولة اتباع مذهب رومة، وظن ثالث أن ذلك العذاب نتيجة لإهمال الدين وعدم تقديم فروض الاحترام الكافي للقديسين. وعنت كل الوجوه للحي القيوم الباقي، وأما الإمبراطور فلقد أوضع في الحرب، وشمر فيها مستميتا، ورضي بما قسم الإله وقدر، وسار في موكب عظيم من الكاثوليك والأرثوذكس من القسس والرهبان، من الرجال والنساء يبكون بالدمع الغزير ويمزقون شعورهم معلنين خطاياهم، داعين الله أن يخفف عنهم ويغفر لهم، وألا يوقعهم في أيدي الأتراك، وسار الموكب على هذا الحال منشدا الأدعية الدينية، وردد ذلك من تبعهم من العامة والناس، وحملت الأيقونات على الأسوار ذاتها.
وحث الناس في المدينة الخالدة بعضهم بعضا على الموت وعلى بذل النفس في سبيل الدفاع عن مدينتهم، وخطب الإمبراطور البيزنطي في عظماء من الإغريق واللاتين، وكانوا كلهم قد وطنوا النفس على الموت. حاول الإمبراطور تقوية نفوسهم وتعزيتهم وبث روح التضحية في سبيل مدينتهم المسيحية المعذبة، فطلب منهم أن يستعدوا من الآن للموت، وقال لهم: «إن الساعة قد أزفت وإن الأعداء الأتراك القساة مصممون على ابتلاعها.» وطلب منهم التيقظ ومدافعة الأعداء بكل ما أوتوا من قوة وصبر، وبين لهم أنهم سيبذلون أرواحهم في سبيل الدفاع عن مدينتهم المحبوبة، ملكة المدن «للدنيا وللدين وللإمبراطور ولأولادهم ونسائهم، وإذا منحنا الله الرحمة والقوة سيولي عدونا الأدبار أمام سيوفنا، وإذا كان الله سيعاقبنا بخطايانا بنصر هؤلاء الأعداء، فسيفقد المسيحيون حريتهم وكل عزيز لديهم.» «إن المسيحيين - كما خطب الإمبراطور - لهم الله، بينما للمسلمين قوتهم ومدفعيتهم وفرسانهم ومشاتهم» وخاطب البنادقة الموجودين ومدح شجاعتهم وعدد صفاتهم النبيلة، وطلب بذل كل شيء حتى النفس في سبيل الدفاع عن القسطنطينية مدينة المسيحية. وواجه رجال جنوة بنفس الكلام.
وقال لمواطنيه: «لا تفقدوا شجاعتكم. إن للأتراك البرابرة عددهم وسيحاولون بهجومهم العام القضاء عليكم، ولكنكم أنتم القليلو العدد عندكم قوة أسواركم، ومعاونة حلفائكم الشجعان، وعون الله القادر على كل شيء، لقد تدربتم على النضال والصراع ... وأظهرتم عظيم إخلاصكم لوطنكم.» عند ذلك لم يفكر هؤلاء الجنود الأسود لا في أطفالهم ولا نسائهم ولا مصالحهم في ذلك العالم، وإنما جعلوا هدفهم الوحيد الموت في سبيل القسطنطينية.
واجتمع العدد الكثير من سكان المدينة ومعهم الإمبراطور والقساوسة والقواد تحت قباب كنيسة سانت صوفيا يدعون ويبتهلون، وكان هذا آخر حفل مسيحي في هذه الكنيسة العظيمة، نسي هؤلاء كلهم أحزانهم أمام الموت المحقق القريب، ومزجوا صلاتهم بالحماس العظيم ، ثم عاد الكل إلى مواضعهم على الأسوار وإلى حماية الأبواب.
وفي أثناء الظلام الدامس اقترب الجنود الأتراك من الأسوار، وقرب بزوغ آخر فجر رآه الإمبراطور، وتقدم الأسطول العثماني، واحتل بالقوة المواضع التي خصصت له. وهجمت الجيوش هجوما عنيفا من كل جانب في نقط عديدة، ولكن الهجوم الرئيسي كان في ناحية وادي ليكوس. كبر العثمانيون أثناء هجومهم، وصدحت موسيقاهم فملأت الجو، وعمت الضوضاء بين الهجوم والدفاع، ودقت نواقيس الكنائس.
بدأ الباشبوزق بالهجوم أولا، وكان بينهم عدد كبير من المسيحيين الكاثوليك من الألمان والهنغاريين والإغريق واللاتين. وكانت غاية الأتراك من بعث هذه الفرق في الطليعة استنزاف دماء الأعداء وإنهاكهم واستهلاك ذخائرهم الحربية.
هاجم الباشبوزق في الظلام، وحاولوا تسلق الأسوار في جبهة طويلة، وكانت أسلحتهم مختلفة كاختلاف أجناسهم ولغاتهم وأشكالهم. وحاولوا نشر الفوضى بين صفوف المدافعين، واستمر هجومهم ساعة أو ساعتين وهلك منهم عدد كثير بالرغم من قوتهم وجرأتهم، ولكنهم أنهكوا المدافعين الذين لم يذوقوا طعم الراحة لمدة طويلة.
Bilinmeyen sayfa