Asır Süsleri
سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر
مولانا الذي إذا قال لم يدع قولًا لقائل. وإذا أطلق عنان يراعه في هذا المجال فلسان حاله ينشد أين الثريا من يد المتناول. وسيدنا الذي إذا أخذ القلم ببنانه أطرق قس الفصاحة خجلًا لما يبديه من بديع المعاني. وأمسى سحبان البلاغة آخذًا من تلك الألفاظ التي ليس لها في النظير ثاني. وصديقنا الذي استنزل الثريا فنشرها في بياض طرسه فلا يدع أن يدعي بالسمآء ذات البروج. ومخدومنا الذي نظم الجوزاء في سلك دراري ألفاظه فكان الواسطة لها في العروج. أبقاه الله للعلم وتهذيبه. والفضل وترتيبه. وأحيا به مدارس العلوم. وأبدى به دقائق المنطوق والمفهوم. فيا أيها المشار إليه عند احتباك المجالس بأعيانها. ويا أيها المعول عليه في العويص من المسائل إذا أحجمت الأذهان عن بيانها. أهدي إلى ذاتك التي استجمعت كل فضيلة لا يدرك لها مدى. وحازت من الكمال ما لا غاية له فيهتدي إليه من رام الهدى. وأسدي إلى حضرتك التي لم ترض غاية بالأثير أن يكون لأخمصها حذا. سلامًا يفوق العنبر والعبير في الشذا. أينعت أغصان دوحته في رياض الفضائل فاكتست منه حللًا. وأشرقت أفنان سرحته فغدت الشمس كاسفة واستتر البدر في سحابة خجلًا. فنسيمه الرطب إذا هب أنعش الأرواح وأحيا. وتسنيمه العذب إذا جرى في خلال تلك الرياض أنسى الحزين حزنه وجلب له السرور وهيا. وثناء يقاوم الورد. استغفر الله بل يفوته عطرًا. ويفاوح الند. بل يفوقه فخوا وا. وأبثك شوقًا يقصر اليراع عن حده. ويقف عن بثه بهذه السطور وسرده. لعلمه إنه لم يف منه أن ما في الأرض.
فالشوق أعظم أن يختص جارحة ... كلي إليك وحق الله مشتاق
فأسأل الله أن لا يرد يد سائله صفرًا. وأتوسل إليه بصاحب الشفاعة والأسرا. أن يمن بساعة التلاق. في أشرف محل ومكان. ويقصر مدة الفراق. ويقربك للعين من الانسان. هذا وقد وصل الكتاب الذي لم يكن على بذل الفرائد بضنين. الحرى بان يقال فيه لولا الديانة إنه الكتاب المبين. فقام له المخلص عند إقباله عليه. فرحًا بوصوله. وتلقاه حال وفوده إليه. مجتهدًا في إجلاله عند حلوله. وقبله ألفًا بل زاد في التقبيل. ورفعه على هامته واتخذه لها كالاكليل. وفض ختمه شوقًا إلى اقتطاف أزاهره. واستنشاق روائحه العطرة وعباهره. فإذا به قد جمع فأوعى. وأثرت مواعظه في القلوب صدعًا. وحرك ساكن ذلك الشوق الذي لم تخمد ناره. ولا خفيت آثاره.
أمسى وأصبح من تذكاركم وصبا ... يرثي لي المشفقان الأهل والولد
قد حدد الدمع خدي من تذكركم ... واعتادني المضنيان الوجد والكمد
وغاب عن مقلتي نومي لغيبتكم ... وخانني المسعدان الصبر والجلد
لاغرو للدمع أن تجري غواربه ... وتحته المظلمان القلب والكبد
كإنما مهجتي شلو بمسبعة ... ينتابها الضاريان الذئب والأسد
لم يبق غير خفي الروح في جسدي ... وذلك الباقيان الروح والجسد
فكيف وقد أذكرني بهاتيك العهود. وشوقني إلى تلك الأعياد المشرق طالعها في فلك السعود. فأسأل الله أن يمن بالعود إلى ذلك الحرم. وبوح ذلك السوح المحترم. إنه على ذلك قدير. وبالاجابة جدير.
ومن نظمه ما كتبه إلى بعض الأعيان مراجعًا عن لسان والده
تبدي لنا برق بأفق ربا نجد ... فأذكرني عهدًا وناهيك من عهد
وهيمني شوقًا وزاد بي الأسى ... وأضرم لي نار الصبابة والوجد
وجدّد لي ذكر الليالي التي خلت ... وطيب زمان بالحمى طيب الورد
زمانًا جلا ذو الحسن شمس جماله ... علينا فشاهدنا به الشمس في البرد
وأبدت لنا ذات الجمال جبينها ... فاخجل بدر الأفق في طالع السعد
هي الروض تبدو للأنام بوجهها ... فنقطف زهر الورد من خدها الوردي
وفاح لنا نشر الخزامى بروضة ... شدت ورقها شوقًا على الأغصن الملد
تغنت على غصن الأراك بمدح من ... علا قدره السامي على ذروة المجد
جمال أهالي العصر أو حد وقته ... مشيد ربع المجد بالسعد والجد
1 / 58