فقال إبراهيم شوكت في ضجر: لا تخلقوا من الحبة قبة، المسألة أبسط من هذا كله، كريمة ابنة ياسين، ياسين أخو خديجة وعائشة، حسبنا هذا، أف، كل شيء عندكم نقار حتى الأفراح؟!
واختلس أحمد من أمه نظرة باسمة، وجعل يراقبها حتى قامت كالغاضبة وغادرت الصالة. وراح يقول لنفسه: هذه الطبقة البورجوازية كلها عقد، تحتاج إلى محلل نفساني بارع ليشفيها من كافة عللها، محلل له قوة التاريخ نفسه! لو هادنني الحظ لسبقت أخي إلى الزواج ولكن البورجوازية الأخرى اشترطت مرتبا لا يقل عن خمسين جنيها، هكذا تجرح قلوب لأمور لا شأن لها بالقلوب، ترى ماذا يكون رأي سوسن حماد لو علمت بمغامرتي الفاشلة؟!
40
كان الجو شديد البرودة، ولم يكن خان الخليلي الرطب مما يؤثر شتاء، ولكن رياض قلدس نفسه الذي أشار ذلك المساء بالذهاب إلى قهوة خان الخليلي التي شيدت مكان قهوة أحمد عبده فوق سطح الأرض، أو كما قال: «علمني كمال علي آخر الزمن أن أكون من غواة الغرائب.» كانت قهوة صغيرة، بابها يفتح على حي الحسين، ثم تمتد طولا في شبه ممر تصف على جانبيه الموائد وينتهي بشرفة خشبية تطل على خان الخليلي الجديد. جلس الأصدقاء في جناح الشرفة الأيمن يحتسون الشاي ويدخنون نارجيلة بالمناوبة. وكان إسماعيل لطيف يقول: أنا في إجازة للاستعداد ومن ثم أسافر ..
فتساءل كمال في أسف: ستغيب عنا ثلاثة أعوام؟ - نعم، لا بد من المغامرة، مرتب ضخم لا أتخيل أن أناله يوما هنا، ثم إن العراق بلد عربي لا يختلف عن مصر كثيرا ..
سيخلف وحشة، لم يكن صديق الروح ولكنه صديق العمر، وتساءل رياض قلدس ضاحكا: ألا يحتاج العراق إلى مترجمين؟
فسأله كمال: أتسافر إذا سنحت لك فرصة كفرصة إسماعيل؟ - لو حدثت في الماضي ما ترددت أما اليوم فلا. - وما الفرق بين الماضي والحاضر؟
فقال رياض قلدس ضاحكا: بالنسبة لك لا شيء، أما بالنسبة لي فهو كل شيء، الظاهر أنني سأنضم قريبا إلى جماعة المتزوجين!
دهش كمال للخبر الذي وقع عليه دون تمهيد وقد ساوره قلق لم يدرك كنهه. - حقا؟! لم تشر إلى ذلك من قبل! - بلى، جاء بغتة، في آخر مقابلة، في آخر مقابلة بيننا لم يكن في البال شيء!
ضحك إسماعيل لطيف في ظفر، أما كمال فتساءل وهو يحاول أن يبتسم: كيف؟ - كيف! كما يحدث كل يوم، مدرسة جاءت لزيارة أخيها في إدارة الترجمة فأعجبتني، فجسست النبض فوجدت من يقول: «تفضل» ..
Bilinmeyen sayfa