فقال إبراهيم شوكت بحذر كالمتسائل: أظن أهله من السوقة؟!
فقال عبد المنعم شوكت بصوته القوي: نعم، خاله مكاري ، وخاله الآخر فران، وعمه كاتب محام .. «ثم بلهجة استدراكية ضعيفة»: ولكن هذا كله لا ينقص من قدر الإنسان فالإنسان بنفسه لا بأهله!
وأدرك كمال أن ابن أخته يريد أن يقرر حقيقتين يؤمن بهما على تنافرهما، أولا وضاعة أصل فؤاد، وثانيا أن وضاعة الأصل لا تنقص من قدر الشخص. بل أدرك أكثر من هذا أنه يحمل في الأولى على فؤاد وأنه يكفر في الثانية عن حملته الظالمة مرضاة لعقيدته الدينية القوية. ومن عجب أن تقرير هاتين الحقيقتين أراحه وكفاه شر التورط في الإفصاح عنهما بنفسه، فإنه كابن أخته لم يكن يؤمن بفوارق الطبقات، وكان مثله أيضا يميل للحملة على فؤاد والحط من شأنه الذي يدرك خطورته وتفاهته هو بالقياس إليه. والظاهر أن أمينة لم ترتح لهذه الحملة فقالت: أبوه رجل طيب، خدمنا العمر كله بأمانة وإخلاص.
فجمعت خديجة شجاعتها وقالت: ولكن ربما عاشرت نعيمة - لو تم هذا الزواج - أناسا ليسوا أهلا للمعاشرة، الأصل كل شيء ..
وجاءها تأييد من حيث لم ينتظر أحد، فقالت زنوبة: صدقت، الأصل كل شيء!
واضطرب ياسين، واسترق إلى خديجة نظرة سريعة، وهو يتساءل عن رجع قول زوجته في نفسها، وتعليقها الباطني عليه وما يستدعيه ذلك إلى خواطرها عن عالم العوالم والتخت. حتى لعن زنوبة في سره على «قنزحتها» الفارغة، واضطر أن يتكلم ليغطي على كلام زوجته، فقال: تذكروا أنكم تتحدثون عن وكيل نيابة ..
فقالت خديجة متشجعة بسكوت عائشة: أبي الذي جعل منه وكيل نيابة، أموالنا نحن التي صنعته!
فقال أحمد شوكت في سخرية نطقت بها عيناه البارزتان اللتان تذكران بالمرحوم خليل شوكت: نحن مدينون لأبيه أكثر مما هو مدين لنا!
فأشارت إليه خديجة بسبابتها وهي تقول بلهجة ملؤها الانتقاد: أنت دائما ترميننا بكلام غير مفهوم.
فقال ياسين بلهجة من يأمل في إنهاء الموضوع: أريحوا أنفسكم فالكلمة الأخيرة لبابا ..
Bilinmeyen sayfa