Seçilmiş Yunan Trajedi Şiirleri
صحف مختارة من الشعر التمثيلي عند اليونان
Türler
2
يخيل إلي أن عدم الوقوف على تاريخ اليونان وحده هو السبب الحقيقي فيما لقي الناس به هذا الدرس من فتور وإعراض، بل من تشنيع وإنكار. فلن ينفرك من الشيء ويرغبك عنه أكثر من جهلك له.
ولو أن المصريين ألموا بتاريخ اليونان بعض الإلمام، لكلفوا بدرسه وتحصيله الكلف كله لأمرين:
الأول:
أن فهم التاريخ المصري خاصة والتاريخ الإسلامي عامة، موقوف على فهم التاريخ اليوناني. فما ينبغي لأحد أن ينسى ما كان للحضارة اليونانية من التأثير الظاهر في حضارة العالم كله ومنه البلاد الإسلامية. ولم يكن هذا التأثير مقصورا على الحياة العقلية والأدبية بل تناول الحياة السياسية؛ فإن اليونان قد ملكوا الشرق أكثر من قرنين، فوضعوا فيه نظما لم يكن له بها عهد، وجاء الرومان فلم يمحوا هذه النظم، بل شكلوها تشكيلا ما، ثم جاء العرب فأخذوا ما وجدوا، ولم يزيدوا على أن عربوه. ومن الميسور على كل مؤرخ متقن لعمله إذا درس تاريخ الأمم الإسلامية أن يتميز النظم القديمة وما بينها وبين النظم الإسلامية من صلة. وإذا كان درس التاريخ في رأي المؤرخين المحدثين عملا تحليليا قبل كل شيء، أي إنه يلزم المؤرخ أن يرد كل شيء إلى أصوله التي ألفته وعملت في تكوينه، فلا شك في أن مؤرخ الأمم الإسلامية - ولا سيما مصر - يجب عليه أن يعرف تاريخ الأمة اليونانية ويتقنه لكي يستطيع أن يميز ما كان لها من أثر في حياتها العقلية والاجتماعية والسياسية.
الثاني:
أن النهضة الحديثة في أوروبا إنما هي في معظم أمرها أثر من آثار اليونان، فإذا كانت مصر الناهضة تحاول - وهذا حق عليها - أن تتعرف أصول هذه النهضة وتتفهمها، لتختار منها ما يوافق طبيعتها ويلائم مزاجها؛ فليس لها إلى ذلك من سبيل إلا درس تاريخ اليونان والرومان. فإنك لا تكاد تتناول بالبحث التاريخي أصلا من أصول النهضة الحديثة الأوروبية إلا اضطررت، إلى أن ترجع به إلى تاريخ هاتين الأمتين.
لا أذكر العلم والفن، فما أظن من الناس من ينكر أنهما يونانيان قبل كل شيء. وإنما أذكر السياسة والحياة الاجتماعية. فما نشأت الآراء الديمقراطية، بل والمذاهب الاشتراكية في أوروبا إلا حين انتشر هذا التاريخ القديم فيها، وعرف الناس ديمقراطية اليونان وأرستقراطيتهم، وحركة العمال والزراع الرومانيين وما أدت إليه من شرع غريب.
أوليس أول داع إلى الاشتراكية في أوروبا إبان الثورة الفرنسية قد كان يسمي نفسه باسم زعيم هذه الحركة في روما «كيوس جراكوس»؟! أوليس مصدر ما وقع فيه الثوار الفرنسيون من الخطأ - في كثير من الأحيان - إنما هو محاولتهم تحقيق النظم الديمقراطية التي ألفها اليونان والرومان من غير أن يفطنوا إلى ما بين فرنسا وروما وأثينا من الفروق.
نريد أن ننهض نهضة سياسية، نريد أن ننزل الديمقراطية في بلادنا منزلة حسنة ونحن نجهل الجهل كله أصول السياسة وقواعدها، كما نجهل الجهل كله ضروب الديمقراطية ومذاهبها. فهل نستطيع أن نصل مع هذا إلى ما نريد؟
Bilinmeyen sayfa