السياسة والصحابة
وكانت السياسة تلعب أيضا الدور الأكبر في توسيع الفجوة بين علماء المسلمين وعوامهم، ولم يكن الساسة يشتهون الفرقة بين المسلمين لمجرد الإفساد بينهم، ولكن كانت لهم مصالح في تأييد هذه الجماعة أو تلك، ومنها إظهار الحاكم نفسه بمظهر الحريص على سلامة العقيدة والحامي لها ضد الطوائف الأخرى.
فلذلك شكل مغفلو الصالحين والعوام الساعد الأيمن لكل سلطة تستغل هذه القضية على مر التاريخ، سواء كان هؤلاء من السنة أو الشيعة أو المعتزلة أو النواصب أو الخوارج؛ ولعل الخوارج أخف هؤلاء استغلالا للسلطة.
وقضية (الصحابة) من القضايا المستثمرة في تصفية الخصوم، أو كبتهم، أو التضييق عليهم، أو التشكيك في عقائدهم، وتنفير الناس عنهم، وعن علمهم، دون النظر إلى حججهم وأدلتهم.
ولذلك نجد أنها تكفي عبارة (فلان يطعن في الصحابة) للقضاء على كل إبداع بحثي عند أهل السنة، كما تكفي عبارة (فلان يثني على أعداء أهل البيت) للقضاء على الإبداع نفسه عند الشيعة.
والسنة والشيعة يشكلان أهم فرقتين إسلاميتين من حيث الانتشار، وكثرة الإنتاج الفكري، مع تقدم زمانهما وبداياتهما الهادئة من أيام الخلافة الراشدة، بل إن جذورهما الأولى تمتد منذ عهد النبوة.
Sayfa 9