فإذن لا يرد على هذا القول الذي اخترناه ما صنعه كثير ممن جمع أسماء الصحابة رضي الله عنهم. فإنهم قصدوا الاستيعاب والاستيفاء للذين وردت أسماؤهم في كتب الحديث والسير والتاريخ أنهم التقوا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أو لهم ذكر في شيء من الأخبار التي لها تعلق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بقطع النظر عن ثبوت ذلك أو عدم ثبوته، وليس مقصودهم أن كل من يذكر في تلك الكتب فهو صحابي عدل. بل هذا من باب الجمع الكامل المستوعب ثم إذا أراد أحد أن يثبت الصحبة لأحد ممن ذكر في تلك الكتب فعليه أن يتحقق من ذلك بطريقته.
ثم من تحققت فيه شروط الصحبة فهو عدل، نظيره قول المحدثين: "إذا جمعت فقمش ثم إذا رويت ففتش" أي إذا أخذت الأحاديث عن الشيوخ فخذ كل ما تسمع، لكن لا ترو لأحد من تلاميذك إلا بعد التفتيش والتحقيق).
وقال أيضا: (ثم جاء بعض المصنفين، فنقلوا حكم الصحابي في اصطلاح الأصوليين إلى الصحابي في اصطلاح المحدثين، وما كان لهم أن يفعلوا ذلك، فإن الصحبة إن طالت اقتضت التأثير في الأخلاق والاعتقاد والعمل وخاصة من صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الشدة والرخاء وجاهد معه وصبر واقتدى بأقواله وأفعاله صلى الله عليه وآله وسلم أما الرؤية العابرة، واللقاء القليل، واستماع الكلمة، فقد يؤثر وقد لا يؤثر، ولذا ارتد كثير من الأعراب بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم ممن قال الله تعالى فيهم: { { ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} } لم تمنعهم تلك الرؤية وذلك الاستماع، من الردة، وثبت آخرون على الإسلام، فلا يكون ذلك اللقاء العابر مقتضيا للعدالة يقينا بل قد يقتضيها وقد لا يقتضيها. والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم).
قلت : انتهى كلام الدكتور الأشقر وهو نفيس.
Sayfa 53