Sahabe ve Arkadaşlık
الصحبة والصحابة
Türler
أما الأمر الثاني: فالمحدثون وحدهم- رغم أنهم لم يجمعوا- لا يعد إجماعهم حجة شرعية، وقد اختلفوا في تحديد معنى الصحبة، وتعريف الصحابي، فكيف يصح إجماع المحدثين مع خلاف سعيد بن المسيب وشعبة بن الحجاج ومعاوية بن قرة وعاصم الأحول وأبي حاتم ويحيى بن معين وابن عبد البر وأبي زرعة وأبي داود وغيرهم فضلا عن بعض الصحابة الذين نقلنا أقوالهم؟ فكل هؤلاء لا يعتبرون مجرد الرؤية ولا مجرد اللقيا كافيا لاثبات الصحبة، وهؤلاء كلهم من كبار أهل الحديث بل كان العلماء المتقدمون على هذا كما ذكر ابن عبد البر، ولكن قصر الصحبة على المهاجرين والأنصار تضاءل مع تقادم الزمان إلى أن تركه أكثر أهل الحديث لسبب ظاهر، وهو تركيزهم على اتصال الإسناد، فهم معذورون في هذا التوسع؛ للسبب المتعلق بوظيفتهم في نقل أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكنهم مع ذلك لا يغلون غلو المعاصرين، ولا غلو الحنابلة فتجد أهل الحديث ينقلون لنا الأحاديث في ذم بعض من وصف بالصحبة كحرقوص بن زهير، وقاتل عمار، والوليد بن عقبة، والحكم، ومعاوية، ونحوهم، وتجد كثيرا منهم يذمون سيرة هؤلاء، ولا يفهمون من (عدالة الصحابة) عدم تجريح أمثال هؤلاء كما يفعل بعض المعاصرين، كما لم يردوا الأحاديث الواردة في ذمهم، ولا يعدلون كل من وصف بالصحبة فتجد بعضهم يقول عن بسر بن أبي أرطأة: (كانت له صحبة ولم تكن له استقامة)!، ونجد بعضهم يطلق على الوليد (الفاسق ) وأوردوا في ذم أبي سفيان ومعاوية وأخيه حديث (لعن الله الراكب والقائد والسائق) وفي معاوية خاصة حديث (الفئة الباغية) وحديث (أول من يغير سنتي رجل من بني أمية) ونحوها، ولهم أقوال كثيرة تتفق مع ما ذكرناه من ذم بعض من وصف بالصحبة ثم لم يحسن السيرة، أما غلاة المعاصرين فليسوا على مذهب المحدثين، ولا مذهب الأصوليين، وليس لهم سلف فيما يعتقدون إلا بعض غلاة الحنابلة أمثال البربهاري وابن بطة وابن حامد المتأثرين بالخصومة مع المعتزلة والشيعة والمتأثرين بنواصب الشام والبصرة الذين بالغوا في تعريف الصحبة وفضلها، حتى يحموا بها بعض الطلقاء، الذين كان لهم أثر سيئ في الأمة، ثم إن قصر الصحبة على المهاجرين والأنصار لا يؤثر كثيرا في الأحاديث المنقولة إلينا، وليس الخلاف في بعض هؤلاء أولى بالضرر على الحديث من الخلاف في بعض التابعين أو تابعيهم لمن تأمل هذا الأمر.
ثم قد سبق أن ذكرت عددا لا بأس به من علماء الحديث الذين يذهبون خلاف ما ذكر المعترض، ويمكن مراجعة ذلك فيما سبق.
والذي أسماه المعترض (مما استقر عليه المحدثون) فيه نظر من أكثر من وجه:
الوجه الأول: هل الإجماع المسبوق بخلاف يعد إجماعا أم لا؟، هذا على التسليم بأن المتأخرين استقروا (أجمعوا) على تعريف الحافظ ابن حجر.
الوجه الثاني: هل قام أحد باستعراض مذاهب المتأخرين في هذا الموضوع؟، ولماذا نرى بعض الكتابات من بعض المحدثين المعاصرين ليست على ما ذهب إليه المعترض (وقد ذكرنا بعضهم كالدكتور الأشقر والدكتور النملة).
الوجه الثالث: هل ما استقر عليه المحدثون -على افتراض صحته- يعد إجماعا حتى لو خالف في ذلك الأصوليون؟!، بل هل ما أجمع عليه أهل السنة يعد إجماعا معتبرا أم لا بد من إجماع كل أمة الإجابة؟! فهذا سؤال يحتاج لبحث منفصل.
Sayfa 177