أما على صعيد الحركة السلفية التي ظهرت في سوريا ومصر العثمانيتين، في بداية القرن العشرين تقريبا، فكان ثمة رجال - مثل محمد عبده (1849-1905) الذي كان من طنطا، وأتباع عبد القادر الجزائري في دمشق - أداروا ظهورهم لنشأتهم الصوفية عندما نضجوا، مفضلين إسلاما عقلانيا رفضوا فيه الطقوس والمعجزات الصوفية؛ لأنها غير متوافقة مع عالم المعرفة العلمية الحديث، الذي يجب أن يكون فيه الدين قائما على تفسيرات عقلانية للنص، وليس على قبول تقليد محرف.
88
وكان التحول السريع من الإسلام الصوفي إلى الإسلام السلفي في مناطق كثيرة من العالم (لا سيما الشرق الأوسط)، من أكبر التغيرات الاجتماعية والدينية في التاريخ الإسلامي الحديث.
وبقدوم الجيل الثاني من السلفيين، أصبحت الشخصيات السلفية البارزة أمثال محمد رشيد رضا (1865-1935) منذ أوائل القرن العشرين أكثر ضراوة في إدانة الفساد وفرط التمجيد في الذات والفسق لدى الصوفيين العثمانيين، وفي واحدة من أكثر المقالات المنشورة تأثيرا، وصف رضا الشهوانية المنحطة في أحد العروض الصوفية، فقال عنهم: «غلمان مرد حسان ... يلبسون ملابس ناصعة البياض كملابس العرائس، ويرقصون بها على نغمات الناي المثيرة للمشاعر.»
89
ومن المراكز الرئيسية للسلفيين في الشرق الأوسط، نشروا نقدهم المناهض للصوفيين في كل الأنحاء، من خلال أسفار تلاميذهم وإصدار صحف مثل صحيفة «المنار».
90
وبسبب أن تلك الحقبة قد تميزت بالصراع الشديد، فعندما كانت الغلبة للإصلاحيين من خلال ثورة تركيا الفتاة عام 1908، اعتبروا الصوفيين أكثر من أي وقت مضى أعداء للتقدم يخدمون مصالحهم فحسب ، ومدمرين لتعاليم النبي الصحيحة؛ لذا في عام 1909 طرد النبهاني من منصبه القضائي. على الرغم من ذلك، فإن القومي التركي المتحمس بشدة للحداثة ضياء جوك ألب (1876-1924) استطاع أن يرى أن الأبعاد الفكرية وكذلك الاجتماعية للصوفية تمثل أصولا قيمة، زاعما أن تعاليم ابن عربي (المتوفى عام 1240) سبقت فلسفة بيركلي وكانط ونيتشه،
91
وبحلول عام 1918 كان كل شيخ صوفي في إسطنبول قد تلقى نموذجا مطبوعا يطالبه بذكر مؤهلاته، وتاريخه الوظيفي، وعدد الأتباع والبيعات.
Bilinmeyen sayfa