Sudan
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
Türler
وقد تنبهت إلى ذلك سيدة مصرية فوجدت الأمر جد خطير، ولفتت إليه أنظار بعض النواب ليسألوا الحكومة رسميا عن رأيها في هذا التصريح الجديد، وانتظرت فلم تجد شيئا من هذا، ومرت الأيام تتلوها الأيام دون أن يحتج أحد على ما جاء في هذه البرقية. وهكذا يسجل الإهمال علينا ما تستعصي معالجته، ويزداد به موقفنا في السودان غموضا، ويلقي على حقوقنا فيه حجبا كثيفة ما دمنا سائرين في هذا الإهمال.
فإذا تركنا هذه الأشياء تمر دون أن نظهر أي معارضة لها أفهمنا الإنكليز بسكوتنا عنها أننا راضون بها فيستغلون هذا الصمت على مر الأيام ليطبقوا علينا ماهو أشد وأنكى. هذا هو مقال سموه. (6) معرب مقال آخر لسمو الأمير عمر طوسون
أرسله سموه إلى رئيس تحرير جريدة التيمس في 3 يوليو سنة 1930 ردا على ما كتبه «سير رنيل رد»، واعتذرت هذه الجريدة عن نشره فيها، وها هو بعد الديباجة:
استرعت نظري منذ أيام ترجمة نشرتها الجرائد المحلية لرد سير رنيل رد على رسالتي المنشورة في عدد التيمس بتاريخ 12 يونيو، ولقد رغبت في الرد عليه، ولكني آثرت الاطلاع على الأصل الإنكليزي أولا. وهذا ما توافر لي الآن:
إنني أشكر لسير رنيل رد كلماته الرقيقة الموجهة إلى شخصي، وأرد على بيانه بما يأتي:
إني أعلم تمام العلم أن سياسة اللورد جرانفيل جاءت بعد حملة هيكس باشا، ولكن هذا لا يعني أنها لم توجد في ذهن الحكومة الإنكليزية في الوقت الذي احتل فيه الجيش البريطاني مصر. فما دامت الحكومة المصرية قد أظهرت لين العريكة والطاعة للنصائح - أو بمعنى أدق - لأوامر الحكومة البريطانية غير الرسمية، فلم تكن هناك ضرورة لجعل هذه السياسة رسمية وعلنية؛ لأن مسلكا كهذا لا يكون لزاما إلا في حالة المعارضة كالحالة التي أدت إلى استقالة شريف باشا عندما رفض الموافقة على ترك السودان.
حقيقة إن الكولونيل ستيوارت كان يرى - كما يقول سير رنيل رد - عدم الزحف على كردفان، وكان هذا هو رأي عبد القادر باشا أيضا. ومن المحزن أن هذا الرأي لم يؤخذ به ولم يتبع؛ إذ لو اتبع لما فقدت مصر السودان على الإطلاق.
وحقيقة - من الوجهة الرسمية - أيضا إن الحكومة البريطانية أعلنت أنه لم يكن لها شأن بالأعمال الحربية في السودان ولا بتعيين هيكس باشا. ولكن المظهر الرسمي للأشياء مضلل، ولا سيما في مصر لسوء الحظ. فمثلا كان اللقب الرسمي للورد كرومر «معتمد حكومة صاحب الجلالة البريطانية وقنصلها العام في مصر». ولكن كان لقبه غير الرسمي. «الحاكم المطلق لمصر» ومن كلمته قانون.
ولقد قرأت في الصحف في فرص مختلفة أسئلة تلقى في مجلس العموم على وزير الخارجية خاصة بمصر كان الجواب عليها «هذه مسألة تخص الحكومة المصرية»، فأي شخص يخدعه هذا الجواب الرسمي في حين أنه يعلم علم اليقين أن البلاد كانت - بصفة غير رسمية - تحت الحكم المطلق لقنصل إنكلترا.
فلماذا لا يكون هذا شاملا لتصريح الحكومة البريطانية الخاص بالسودان وتعيين هيكس باشا. فهو إنكار رسمي لوجود يد لها فيهما بينما هو عمل للعكس بصفة غير رسمية.
Bilinmeyen sayfa