Mısır Sudanı ve İngiliz Politikasının Hırsları
السودان المصري ومطامع السياسة البريطانية
Türler
والخطوة الثانية في حل المسألة هي حساب كمية المياه التي تستنفدها المساحات الحالية كل سنة، وبذا يمكن تقدير حاجات المستقبل.
ففي جميع العصور الخالية حتى عهد ليس ببعيد كان عدم الانتظام في جريان فيضان النيل سببا لتعاقب السنوات السمان والسنوات العجاف في مصر، فعندما كان الفيضان شحيحا كان يحدث نقص في المحصول، ولكن هذا النقص لم يكن ناشئا عن قلة مقدار المياه اللازم في النهر؛ بل عن أن منسوب المياه لم يكن من الارتفاع بالدرجة الكافية لأن تجعلها تفيض على جانبي النهر، أو بعبارة أدق تسيل في الترع المغذية لمناطق الحياض.
أول طريقة اتخذت للتغلب على هذه العقبة: هي إطالة هذه الترع، ونقل أفمامها إلى نقاط مواقعها على النهر أعلى مما كانت عليه من قبل.
وحدث تغيير كبير في السنوات الأولى من القرن الماضي حين أدخل محمد علي باشا النظام الحالي بتحويل الوجه البحري من ري الحياض إلى الري الصيفي، وبه كاد يكون من الممكن في المساحات التي سرى عليها هذا النظام أن ينتج حاصلان اثنان كل سنة بدلا من الواحد الذي هو نتيجة النظام القديم.
وبسبب هذا التغيير صارت الضرورة أدعى ما تكون إلى الحصول على تحكم تام في ضبط جريان النيل، وإلى إنشاء أعمال موازنة يمكن بها في أي وقت من أوقات السنة الوصول بالدقة إلى منسوب المياه اللازم لملء الترع.
وينبغي أن نلاحظ أن كثافة الزراعة ليس على وتيرة واحدة في جميع أنحاء القطر المصري، وأن المساحات المزروعة لا تتطلب في كل مكان قدرا واحدا من الماء لكل فدان، وأسباب هذا هي في الغالب اختلافات المناخ، وأن المناطق التي هي أقرب إلى الجنوب تكاد تكون بأكملها إلى الآن قاصرا ريها على نظام الحياض.
ففي المستقبل حتى لو لم يحصل توسع في الزراعة بإدخالها في مناطق جديدة وهو أمر لا يمكن تصوره في حد ذاته ستكون كميات المياه المطلوبة وتوزيعها طول مدة السنة على المساحات المزروعة الآن عرضة للتغير حسب التدرج في تحويل المساحات الباقية من أراضي الحياض في الوجه القبلي من نظامها إلى نظام الري الصيفي، وسيكون تحويل معظمها بالطريقة المألوفة في الوجه القبلي، وسيكون ريها بالراحة إما بمرور كل المياه اللازمة لها من قناطر إسنا الحالية وإما بمرور بعضها من هذه القناطر والبعض الآخر من قناطر تنشأ عند نجع حمادي، وتبقى بعدئذ مساحات صغيرة معينة ستستمد المياه الصيفية اللازمة لريها بالراحة من آلات رافعة تنشأ لهذا الغرض.
وتدل التجارب على أن البلاد يلزمها في الوقت الحاضر نحو 33000 مليون متر مكعب سنويا لري أرضها ريا كافيا لفلاح حاصلاتها؛ إذ في سنة 1913-1914 التي كان فيها انخفاض الفيضان خارقا للعادة مر بأسوان بين يوليو سنة 1913 ويونية سنة 1914 نحو 41000 مليون متر مكعب من المياه، وسيتضح أن هذا المقدار من المياه وهو أقل ما دون حتى الآن كان أكثر مما يكفي للقيام بجميع المطالب الحقيقية لو أنه وزع طول السنة حسب حاجات الزراعة، ولكن التوزيع كان بطريقة غير متساوية بحيث مرت المياه بلا حساب إلى البحر في فترة معينة في حين أنه في فترة أخرى حصل عجز حقيقي، أما الزيادة في فترة معينة فيمكن تعديلها كثيرا في سنة رديئة كالسنة المذكورة، ولكن لا يمكن منعها بتاتا نظرا إلى عنف قدوم فيضان النيل الأزرق المتشبع بالطمي.
وبمجرد الاطلاع على الجدول الآتي يتبين الحال:
جدول 1
Bilinmeyen sayfa