Mısır Sudanı ve İngiliz Politikasının Hırsları
السودان المصري ومطامع السياسة البريطانية
Türler
بالمائة لا قرضا بل حسابا جاريا؛ لأنه لا يجوز لحكومة مصر الاقتراض دون موافقة الدول، وهذا المبلغ تنازلت عنه إنكلترا، وعلل هذا التنازل بأن المال خص أكثره بمشترى الأدوات اللازمة لسكة حديد حلفا وهي تعتبر جزءا من سكة حديد القاهرة إلى الكاپ، وكان سسل رود صاحب المشروع يومئذ في القاهرة يفاوض رئيس الوزارة مصطفى باشا فهمي في مشترى السكك الحديدية التي تفضي إلى السودان، فأذاعت جريدة «الأهرام» الخبر الذي كان له دوي عظيم في أوربا، فكتب الباب العالي إلى الخديوي يحرم عليه مثل هذا البيع.
في 2 سبتمبر 1898 دخل اللورد كتشنر أم درمان، وفي 19 سبتمبر وصل إلى فاشودة حيث قابل مارشان، وعرف أن الحملة الإنكليزية التي قامت من الأوغندا قاصدة الخرطوم بقيادة الماجور مكدونالد وقوامها بقية جيش أمين باشا في خط الاستواء ثارت على قائدها، وامتنعت في قلعتها عند مدخل ڨكتوريا نيانزا فلم يستطع مكدونالد التقدم، كذلك الحملة الأخرى التي ألفوها على ساحل بحر الهند بقيادة كافانديش فإنها لم تستطع الوصول إلى السودان المصري.
غضب الإنكليز لوجود مارشان في فاشودة، وأخذوا يهددون الفرنساويين حتى قال اللورد سالسبوري لسفير فرنسا كورسل: «إن عند السردار قوة كافية تمكنه من طرد مارشان ومن معه إلى حيث يريد» ففهم السفير بأن معنى ذلك استعداد إنكلترا لإعلان الحرب، وسألت فرنسا حليفتها روسيا عن خطتها، فأجابت حكومة القيصر بأن الأفضل تسوية هذه الأزمة سلميا مع حفظ كرامة فرنسا، ولزمت ألمانيا الحياد؛ لأن بينها وبين إنكلترا اتفاقا سريا على أفريقيا فاضطرت فرنسا إلى إعلان سحب جنودها من فاشودة في 4 نوفمبر بحجة أن هذه البلاد ملك لمصر، ومما كتبه اللورد سالسبوري إلى سفير إنكلترا في باريس في 5 أكتوبر 1898 «لا شك بأن حقوق مصر بامتلاك مجرى النيل قد كانت من جراء نجاح المهدي مهملة، ولكنها حقوق ثابتة لا تقبل جدلا، ولم يبق شك بها بعد انتصار الجنود المصرية على الدراويش. أولم تعلن إنكلترا هذه عمدا وجود حقوق الخديوي على تلك الأملاك بالاتفاق الإنكليزي الكونغي في 12 مايو 1894؟
وفي 12 أكتوبر قال اللورد سالسبوري لسفير فرنسا: «إن وادي النيل كان لمصر ولا يزال لها، ولكن عائقا كان قائما في وجه الملكية المصرية من جراء ثورة المهدي قد زال بانتصار الجنود المصرية والإنكليزية في معركة أم درمان.»
وهذا نص كتاب بطرس باشا غالي وزير خارجية مصر إلى اللورد كرومر ردا على مذكرته بشأن أزمة فاشودة بتاريخ 9 أكتوبر 1898:
إن حكومة سمو الخديوي كما تعلم سيادتكم لم يغب عنها في حين من الأحيان العود إلى احتلال مديريات السودان الذي لم تنسحب منه إلا عقيب ظروف قوة قاهرة؛ فاستعادة الخرطوم تكون عقيمة إذا لم يعد إلى مصر وادي النيل الذي ضحت مصر في سبيله في الزمن السابق ضحايا جسيمة، ولعلمي أن مسألة فاشودة هي الآن موضوع المباحثة بين إنكلترا وفرنسا؛ فإن الحكومة المصرية تكل إلي أن أطلب من سعادتكم إسعادنا بالوساطة الطيبة لدى اللورد سالسبوري حتى يعترف لمصر بحقوقها التي لا تقبل الجدل، وحتى تعاد إليها جميع الأراضي التي كانت تحتلها جنودها عند قيام ثورة محمد أحمد.
مصر هي النيل
خطب الموسيو برونت المهندس الفرنساوي الشهير الذي كان عضوا فرنساويا في مجلس إدارة السكك الحديدية المصرية - قبل حل هذا المجلس باتفاق 1904 - في المعهد العلمي المصري في 21 يناير 1893 فقال:
إن إقامة خزان للمياه على مجرى النيل يعرض مصر لأشد الأخطار؛ بل للموت، ويكفي للقضاء على مصر أن يقام سد عند فوهة بحيرة نيانزا بأعلى الشلال المسمى ريبون؛ فإن هذه البحيرة التي تعادل 50 مليار متر مكعب يرتفع مستوى الماء فيها 30 سنتمترا في السنة على الأكثر، فيلزم إذن أن تمر عشر سنين قبل أن تعلو المياه إلى قنة هذا السد، وعلى هذه الطريقة تحرم مصر في إبان الفيضان كمية قليلة من الماء وهي عشرة مليارات من الأمتار المكعبة، ومجموع ماء الفيضان في النيل 75 مليارا.
ولكن الضرر يظهر عند الانخفاض، فإن مصر تحرم 250 مترا مكعبا في الثانية من 455 مترا مكعبا، وهذا الماء محسوب على مقياس الخرطوم، ولكنه يضيع منه الكثير بالتبخير والرشح قبل أن يصل إلى القاهرة فمن 455 مترا مكعبا من الماء في الخرطوم يصل إلى القاهرة 200 متر مكعب. فإذا أنشئ السد يصل إلى القاهرة من الماء من 80 إلى 100 متر مكعب بالثانية فقط ويكون من وراء ذلك الخراب.
Bilinmeyen sayfa