134

Studies in Quranic Sciences - Muhammad Bakr Ismail

دراسات في علوم القرآن - محمد بكر إسماعيل

Yayıncı

دار المنار

Baskı Numarası

الثانية ١٤١٩هـ

Yayın Yılı

١٩٩٩م

Türler

وقد كان الخط الذي كتب به المصحف في عهد عثمان ﵁ ظاهرة فريدة، استرعت انتباههم، ودفعتهم إلى تفسيرها وكشف أسرارها، فكان لهم في هذا التفسير والتعليل اتجاهات خمسة، وهي التي أشرنا إليها في هذا المقام، وكل اتجاه منها له وجهاته، وفيه ما فيه من الصواب، وعليه ما عليه من المآخذ. أما الاتجاه الأول: وهو تعليل بعض ظواهر الرسم بعلل لغوية أو نحوية، فهو كما يظهر من عنوانه أنه قاصر على تحليل بعض الظواهر دون بعض، فلا يصلح أن يكون حكمًا على الجميع، ولكنه مع ذلك فاتحة خير وخطوة على طريق البحث، فلعل الله ﷿ يكشف لنا التحليل اللغوي والنحوي في سائر الظواهر التي لم يتوصَّل العلماء إلى كلمة الفصل فيها. وأما الاتجاه الثاني: وهو حمل تلك الظواهر على خطأ الكاتب، فقد رددناه بما فيه الكفاية، ونضيف هنا أن خطأ الكُتَّاب أمرٌ لا يستبعد؛ لأن أصحاب النبي ﷺ ليسوا معصومين من الخطأ. ولكن وعد الله ﷿ بحفظ كتابه يقتضي صيانته نطقًا وخطًّا، فلا بُدَّ من أن يكون الله ﷿ قد وفقَّ أولئك الكُتَّاب الأطهار المهرة إلى هذا الرسم ليتميز القرآن عن غيره خطًّا كما تميز نطقًا. وما كان ينبغي أن يبادر ابن قتيبة وابن خلدون ومن لَفَّ لفهما إلى نسبة الخطأ إلى هؤلاء الكُتَّاب، بل كان عليهم أن يبحثوا بجد واجتهاد عن تنزيه ساحتهم منه؛ رعاية لحقهم، وصيانة لكتاب الله من أن يكون خطه غير موافق للفظه من بعض الوجوه، وأن يحملوا الروايات الواردة في تخطئة هؤلاء الكُتَّاب -إن صحَّ سندها- على محملٍ حسنٍ يتفق مع المحافظة على هيبة هؤلاء الكُتَّاب البررة، وسدًّا لباب من أبواب الشبهات التي ينفذ من خلالها أعداء الإسلام للنَّيْل من الإسلام في كتاب ربهم ﷿، وسُنَّة نبيهم ﷺ، والخلفاء الراشدين المهديين -رضوان الله عليهم. وأما الاتجاه الثالث: وهو اختلاف الرسم لاختلاف المعنى، فقد ذكرنا أنه لا يعتمد على دليل صحيح تقوم به الحجة، فهو لا يعدو أن يكون تفسيرًا باطنيًّا يذكر استئناسًا لتنزيه ساحة الكُتَّاب من وقوع الخطأ منهم في كتابة المصاحف.

1 / 138