154

Stopping the Temptation: A Critical Study of the Instigators' Suspicions and the Trials of Jamal and Siffin According to the Methodology of the Muhaddithin

وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين

Yayıncı

دار عمار للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Yayın Yeri

عمان - المملكة الأردنية الهاشمية

Türler

عنه - يستنفر أهل الكوفة لقتال عائشة ﵂ فهذا لا يَصِحُّ، فالخليفة عليّ ﵁ يعرف أنّ خروج عائشة ﵂ من أصله كان قدرًا مقدورًا، فقد حذّرها النَّبيُّ ﷺ في حياته من الخروج، وسمع عليّ ﵁ هذا التّحذير، وسمع طلب النَّبيِّ ﷺ منه أن يرفق بها، فقد أخرج الحاكم بإسناد صحيح عن سالم بن أبي الجعد عن أمّ سلمة ﵂، قالت:
" ذَكرَ النَّبيُّ ﷺ خروج بعض أمّهات المؤمنين، فضحكت عائشة، فقال: انظري يا حُمَيْرَاء (^١)، ألاّ تكوني أنت، ثمّ التفت إلى عليّ، فقال: إنْ وليتَ من أمرها شيئًا، فارفقْ بها " (^٢).
فكيف يصحّ القول بأنّ عليًّا ﵁ كان يحرّض على قتالها، وقد أمره النَّبيُّ ﷺ بالرّفق بها؟! وإنّما استنفر عليّ ﵁ أهل الكوفة لأنّه خَشِيَ على عائشة ﵂ فخرج ومن معه إلى البصرة ليجتمع بعائشة ﵂ ويعيدها إلى مأمنها.
فقد أخرج أحمد بإسناد حسن عن أبي رافع أنّ رسول الله ﷺ قال لعليّ بن أبي طالب: " إنّه سيكون بينك وبين عائشة أمر، قال: أنا يا رسول الله؟! قال: نعم، قال: أنا؟! قال: نعم، قال: فأنا أشقاهم يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن إذا كان ذلك فارْدُدْهَا إلى مَأْمَنِها " (^٣).
فالله تعالى أطلع نبيّه ﷺ على ما يقع بين عليّ وعائشة، فالنَّبيُّ ﷺ كان يعلم أنّ أمرًا (حدثًا) سيقع بينهما، وليس معركة كما يصّورون ويهوّلون! ولم ينهَ النَّبيُّ ﷺ عليّا ولا عائشة؛ لأنّه يعلم أنّ هذا الأمر واقع بأمر الله ليظهر عذرهما، وإنّما نبههما وأوصى عليّا بها، فالله تعالى إذا أراد شيئا هيّأ الأسباب له.

(^١) تصغير حَمْراء ويفيد التحبُّب.
(^٢) الحاكم " المستدرك " (ج ٣/ ص ١١٩) كتاب معرفة الصّحابة، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(^٣) أحمد " المسند " (ج ١٨/ص ٤٦٨/رقم ٢٧٠٧٦).

1 / 155