206

Springs of the Pulpit: A Collection of Sermons and Articles - Volume 1

ينابيع المنبر مجموعة خطب ومقالات المجموعة الأولى

Türler

وبسبب ذلك لما أمن الناس بعضهم بعضا، اتسعت دائرة الدعوة لدين الله ﷿، وصار كل مؤمن بأي محل كان من تلك الأقطار يتمكن من ذلك، وأمكن الحريص على الوقوف على حقيقة الإسلام، فدخل الناس في تلك المدة في دين الله أفواجا، فلذلك سماه الله فتحا، ووصفه بأنه فتح مبين أي: ظاهر جلي، وذلك لأن المقصود في فتح بلدان المشركين إعزاز دين الله، وانتصار المسلمين، وهذا حصل بذلك الفتح، ورتب الله على هذا الفتح عدة أمور، فقال: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾.
وذلك - والله أعلم - بسبب ما حصل بسببه من الطاعات الكثيرة، والدخول في الدين بكثرة، وبما تحمل ﷺ من تلك الشروط التي لا يصبر عليها إلا أولو العزم من المرسلين، وهذا من أعظم مناقبه وكراماته ﷺ، أن غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
ويتم نعمته عليك بإعزاز دينك، ونصرك على أعدائك، واتساع كلمتك، ويهديك صراطًا مستقيمًا تنل به السعادة الأبدية، والفلاح السرمدي.
وينصرك الله نصرًا عزيزًا أي: قويًا لا يتضعضع فيه الإسلام، بل يحصل الانتصار التام، وقمع الكافرين، وذلهم ونقصهم، مع توفر قوى المسلمين ونموهم، ونمو أموالهم.
ولهذا عندما يقّدر الله أمرًا من الأمور الكونية أو الشرعية يجب على المؤمن أن يجزم بأن تقدير الله هو الخير بعينه! ! ما أحوجنا إلى هذه المعاني في العصر! !
ثم ذكر الله تعالى آثار هذا الفتح على المؤمنين فقال:

1 / 206