Speeches and Lessons of Sheikh Abdul Rahim Al-Tahan
خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان
Türler
.. والفرق بين هذه الطريقة والتي قبلها كالفرق بين من يستدل بنفس وجود النهار على وجوده، وبين من يستدل على النهار بآثاره وعلاماته ولوازمه، وشتان شتان ما بين الاستدلالين، قال الإمام ابن القيم: سمعت شيخ الإسلام تقيّ الدين بن تيمية – قدس الله روحهما – ورفع درجتهما – يقول: كيف يطلب الدليل على من هو دليل على كل شيء؟ وكان كثيرًا ما يتمثل بهذا البيت:
وليسَ يَصِحُّ في الأذهَان ِ شيءٌ ... إذا احتاج النَّهارُ إلى دَلِيل
... قال العلامة ابن القيم – عليه رحمة الله تعالى –: ومعلوم أن وجود الرب – ﵎ – أظهر للعقول والفطر من وجود النهار، ومن لم ير ذلك في عقله وفطرته فليتهمهما (١) .
وقد قرر الإمام ابن تيمية – روح الله روحه – الاستدلال بهذه الطريقة، وأشاد بها، وهاك خلاصة ما ذكره في ذلك: إذا كان ما سوى الله – جل وعلا – من الموجودات: الأعيان، والصفات يستدل بها سواء كانت حية أو لم تكن، بل ويستدل بالمعدوم، فلأن يستدل بالحي القيوم أولى وأحرى.
قالوا ائتِنَا بِبَرَاهِينَ، فَقُلتُ لَهُمْ ... أنّى يقومُ على البُرْهَان ِ بُرْهَانُ
ومن أسمائه – جل وعلا – الهادي، ولهذا يذكر عن بعضهم أنه قال: عرفت الأشياء بربي ولم أعرف ربي بالأشياء، وقال بعضهم: هو الدليل لي على كل شيء، وإن كان كل شيء عليه دليلا ً، وقيل لابن عباس – رضي الله تعالى عنهما – بماذا عرفت ربك؟ فقال: من طلب دينه بالقياس لم يزل دهره في التباس، خارجًا عن المنهاج، ظاعنًا في الاعوجاج، عرفته بما عرَّف به نفسه، ووصفته بما وصف به نفسه. فأخبر أن معرفة القلب حصلت بتعريف الله – جل وعلا – وهو نور الإيمان، وأن وصف اللسان حصل بكلام الله، وهو نور القرآن، وهذا كما قال القائل:
_________
(١) انظر تفسير القرطبي: (٢/٢٠٢-٢٠٣)، ونحوه في تفسير روح البيان: (٩/١٥٨) .
1 / 44