Sources of Pre-Islamic Poetry
مصادر الشعر الجاهلي
Yayıncı
دار المعارف بمصر
Baskı Numarası
الطبعة السابعة ١٩٨٨
Türler
ونحن نرى من كل هذا، ومن كثير غيره، أن القوم، في القرن الأول الهجري، لم يكونوا يكتفون برواية الشعر الجاهلي وإنشاده في المجالس والمحافل، وإنما كانوا كذلك يعلمونه الصبيان تعليمًا. وقد وضح لنا ذلك من قول عبد الملك لمؤدب ولده يأمره أن يروهم الشعر وخاصة شعر الأعشى، ومن كتابة معاوية إلى زياد بطلب منه أن يعلم ابنه الشعر ويرويه إياه، ومن نهي جعفر بن أبي طالب معلم ولده على أن يعلمهم قصيدة عروة بن الورد؛ لأنها تحض على الاغتراب عن الأوطان.
وسنذكر، في حديثنا عن طبقات الرواة، ما يزيد هذا الجانب وضوحًا، وذلك حينما نتحدث عن شعراء القرن الأول ورُجازه: العجاج ورؤبة والأخطل وجرير والفرزدق والكميت، ومعرفتهم بأخبار الجاهلية، ومثالب العرب ومفاخرها؛ وروايتهم الشعر الجاهلي، بل نظرهم فيه نظر الناقد الحصيف المميز.
-٣-
فإذا انتقلنا بعد ذلك إلى صدر هذا القرن، ونظرنا في أخبار الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة، بل أخبار رسول الله ﷺ، وجدنا أن الأمر لا يختلف عما عهدناه في عهد بني أمية وبني مروان.
قيل للحسن البصري١: أكان أصحاب رسول الله ﵌ يمزحون؟ قال: نعم ويتقارضون من القرض وهو الشعر.
وقال جابر بن سمرة٢: جالست رسول الله ﵌ أكثر من مائة مرة، فكان أصحابه يتناشدون الأشعار في المسجد وأشياء من أمر الجاهلية
١ الفائق ٢: ٣٣٩.
٢ ابن سعد، الطبقات ١/ ٢: ٩٥-٩٦.
1 / 204