في قوتهم وضعفهم، وقلتهم وكثرتهم، فإن المقصود به زجر المهجور، وتأديبه، ورجوع العامة عن مثل حاله، فإن كان هجره يضعف الشر؛ كان مشروعًا، وإن كان المهجور لا يرتدع بذلك، ولا يرتدع به غيره، بل يزيد الشر والهاجر ضعيف، وتكون مفسدة الهجر راجحة على مصلحته، لم يشرع الهجر، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، كما كان الهجر لبعض الناس أنفع من التأليف؛ ولهذا كان النبي ﷺ يتألف قومًا ويهجر آخرين (١)، وينبغي أن يفرق بين الهجر لحق الله، وبين الهجر لحق النفس، فالهجر لحق الله تعالى مأمور به، والهجر لحق النفس منهي عنه (٢).
_________
(١) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٨/ ٢٠٤ - ٢٠٧).
(٢) المرجع السابق (٢٨/ ٢٠٨)، وفتح الباري لابن حجر (٨/ ١٢٤).