المهرجان والنيروز لا يمنع من ذلك أحد وكان يامر مناديا ينادي في الناس قبل أيام من حلول كل من اليومين المذكورين ليعدوا أنفسهم له حتى يتمكن كل شخص من أن يهييء أمره ويكتب شكواه بنفسه يشرح فيها حاله ويعرض حاجته ويسلمها بيده هو وحتى يتدبر الخصوم أمرهم أيضا وفي اليوم الموعود ينادي المنادي خارج القصر إن الملك بريء من دم كل من يمنع أحدا من عرض حاجته في هذا اليوم
ثم يجمع الملك شكاوى الناس جميعها ويضعها أمامه وينظر فيها واحدة تلو أخرى فإذا ما كان بينها واحدة ضد الملك نفسه فإنه ينزل عن سريره ثم يجثو على ركبتيه أمام موبذ الموبذين أي قاضي القضاة بلغتهم الذي كان يجلس من عن يمينه عادة ويقول له انصف هذا الرجل مني دون ميل أو محاباة قبل أن تنظر في أية قضية أخرى وحينئذ يأمر المنادي بان ينادي على من لهم شكاية ضد الملك أن ينتظموا صفا واحدا للفصل في قضاياهم أولا ثم يقول الملك للموبذ ليس ثمة ذنب أعظم من ذنوب الملوك عند الله تعالى إن معرفة حق نعمة الله على الملوك إنما تكون في المحافظة على الرعية وإنصافها وكف أيدي الظالمين عنها وإذا ما جار الملك وظلم فسيضحي الجيش كله ظالمين ينسون الله تعالى ويكفرون النعمة فيصب الله عليهم غضبه وخذلانه ولن يمضي طويل وقت على اضطراب الملك وخرابه فيقتل الكثيرون لفساد المجرمين وعبثهم ويتحول الملك من أسرة لأخرى والان أيها الموبذ اتق الله وإياك أن تؤثرني على نفسك لأنني سأسألك عن كل شيء يسألني الله تعالى عنه يوم القيامة وألقي بتبعته عليك ويشرع الموبذ ينظر في القضايا فإذا ما ثبت لأحد على الملك حق أنصفه إنصافا تاما وإذا ما اتضح بطلان دعوى اخر ضده ولم تكن لديه حجة دامغة أنزل به أقصى العقوبات وأمر مناديا ينادي هذا جزاء من يترصد العيوب على الملك والمملكة ويفتري عليهما الكذب بهذه الجسارة والجرأة
وبعد انتهاء الحكومة كان الملك يعود إلى سريره ويضع التاج ثم يلتفت نحو رجاله وكبار دولته ويقول إنما بدأت بنفسي أولا لتقطعوا عنكم دابر الطمع في ظلم
Sayfa 78