Arap Halk Destanları
السير والملاحم الشعبية العربية
Türler
وعليه: فإن للقسمات المشتركة أو المتجانسة، الأقرب إلى التطابق، والدفع إلى المزيد من الاهتمامات والانصهارات القومية، بما يحتم ضرورة انتماء تراثنا هذا من السير والملاحم، انتماء يجيء قوميا، بأكثر منه محليا.
فلن تنتمي يوما سيرة عنترة إلى موطنها - الجغرافي - اليمن والجنوب العربي الأعم، ونفس الشيء بالنسبة للملك سيف، وعمر النعمان، وملوك قحطان التباعنة؛ ذلك أن لمثل هذه السير والملاحم العربية، حركتها الأفسح، سواء أكانت الحركة الداخلية للأحداث والعلاقات القرابية للبيت أو الشعب الواحد، وحركتها الخارجية بالحرب والهجرات والريادات، أو حتى الأحداث الكبرى، مثل صراع الضرتين، سارة وهاجر، واضطهاد إسماعيل أبا العرب، وإحلال الضحية الحيوانية بديلا من البشرية، أو خروف العيد «عيد اللحم أو الضحية».
وتكثر أمثال هذه السير والملاحم والبالاد ذات السمات العربية القومية بأكثر من المحلية والإقليمية، مثل سارة وهاجر، ويوسف وزليخة، وعزيزة ويونس، وعنتر وعبلة، وسعد اليتيم، والإمام علي والملك الهضام في المجتمعات الأكثر أمية، كما أن من خصائصها التواجد في المجتمعات المغرقة والموغلة في عبادة السلف، فعلى أرض هذه المجتمعات السلفية تجد مثل هذه السير والملاحم ازدهارها وتواترها؛ حيث تخالط فيها الأساطير والخرافات التاريخ الفعلي الأركيولوجي، وعلى كلا الزمان والمكان، أو التاريخ والكيانات التي فيها تجري أحداث السير والملاحم؛ فالإغراق في الأمية إلى حد تقديس أعلامها والتبتل بالسلف، يشير إلى آفة السلفية وتحجرها في الماضي المندثر الغابر، على الحاضر الآني الماثل، باستخدام كل وسائل وآلات التعسف السلطوي للتراث الخالد، وهو ما تحفظه هذه السير والملاحم، ذات الأصول والعلاقات الضاربة في العبودية والإقطاعية، والتي هي ليست في مداها الأخير سوى سير وملاحم الحكام، الحافظة بكل الدقة الممكنة لأنسابها وعلاقاتها القرابية، بدءا من سيرة بيت أتريوس في الإلياذة الهومرية، ومرورا بسيرنا، الزير سالم، كما سيتضح ويلاحظ في مدى حفاظ هذه السير الأسرية القبلية على أدق أنساقها وعلاقاتها القرابية.
الباب الأول
القسم الأول
سير وملاحم الأنساب القبائلية
ما من سيرة أو ملحمة عربية إلا وتولي اهتمامها الرئيسي للبنية القرابية القبائلية التي تؤرخ لأبطالها، بل إن أبسط تعريف للسيرة يتمحور عادة في كونها سيرة أنساب أو عائلة حاكمة أو متسيدة، يراد لها الحفظ والاتصال.
إنها بمثابة التراجم التاريخية لشخوصها عالية الهامة، من ملوك أو تباعنة وأمراء وشيوخ قبائل، عبر حروبها ومنازعات بلاطها وهجراتها وأنماط زواجها وميراثها وتوارثها.
يتضح سلسال أو نسق القرابة خاصة في سيرنا وملاحمنا، مثل ملحمة حسان اليماني أو الزير سالم، وعنترة، وسيف بن ذي يزن، وسيرة الهلالية.
فالقبيلة حين تتحرك للحرب والمنازلة، تتحرك حافظة بكل دقة لنسيجها القرابي، كفرع من الشعب، الذي هو بالتالي قبيلة سالفة، مثل عدنان سكان شمال الجزيرة، وقحطان سكان اليمن والجنوب، حين تحالفهما وهجرتهما من الجزيرة، بحثا عن الزرع والضرع، إلى الشام ومصر والشمال الأفريقي في القرن الخامس الهجري، وهو ما أرخت له سيرة الهلالية.
Bilinmeyen sayfa