95

Beni Rahatsız Eden Sır

سر يؤرقني

Türler

مشينا بجوار المنزل الذي يعيش فيه السيد هارمر. كان يسكن في الطابق العلوي، وكانت الأضواء منيرة. ماذا كان يفعل في أمسياته؟ لم يستمتع بوسائل الترفيه المتاحة في المدينة، ولم يكن من مرتادي السينما أو مباريات الهوكي. لم يكن معروفا للجميع، وكان هذا سبب اختياري له. أحببت أن أظن أن لي ذوقا خاصا. كان شعره خفيفا باهت اللون، وله شارب ناعم، لم يبد عريض المنكبين في سترته من الصوف الخشن المرقعة بالجلد، وكان يعتمد على الكلمات اللاذعة في الصف الدراسي بدلا من استخدام القوة الجسدية. تحدثت إليه ذات مرة - وكانت تلك المرة الوحيدة التي تحدثت إليه فيها - وذلك في مكتبة المدينة، حيث رشح لي رواية عن عمال مناجم الفحم في ويلز، ولكنها لم تعجبني. لم تكن رواية عن الجنس، كانت تدور فقط حول الإضرابات والنقابات والرجال.

كنت أمشي مع بيتي جوسلي بجوار منزله، نتسكع تحت النوافذ. لم أكن أظهر اهتمامي بصورة مباشرة، ولكن بدلا من ذلك حكيت لها نكات ساخرة عنه، فقلت عنه إنه جبان ومعتزل للنساء، ورميته بالممارسات المشينة الخاصة التي تبقيه في الأمسيات بالمنزل دائما. انضمت بيتي إلى هذه الثرثرة، ولكنها لم تفهم حقا لماذا كان يجب عليها أن تكون قاسية على هذا النحو وطويلة على هذا الشكل. ولكي أبقيها على مهاجمته تظاهرت بأنني أعتقد أنها كانت في علاقة معه، وقلت إنني كنت قد رأيته ينظر إلى تنورتها عند صعودها للسلم، وإنني سأرمي كرة ثلج على نافذة منزله، وأدعوه للنزول للقائها. كانت مستمتعة في البداية بهذه التخيلات، ولكن بعد فترة شعرت بالبرودة وسئمت الحديث وتعكر مزاجها، وتوجهت نحو الشارع الرئيسي فاضطرتني للحاق بها.

كان كل هذا الجموح، والفظاظة، والمرح جزءا من أحلامي الخاصة إلى أقصى حد ممكن، التي كانت في معظمها حول اللقاءات العاطفية والأحضان العفيفة، والذوبان في العاطفة المقدسة، والوئام قبل الفراق الذي لا مفر منه، والحب بالغ الرومانسية. •••

كان زواج الخالة مادج سعيدا، وكان الجميع يتذكر سعادة زواجها ويحكي عنها، وحتى في هذا المجتمع حيث عادة ما يعتقد الناس أنه من الأفضل عدم الحديث حول مثل هذه الأمور (وحتى اليوم، إذا سألت عن حال شخص ما، فإن الإجابة سوف تكون في كثير من الأحيان أنه يبلي بلاء حسنا، وأنه اشترى سيارتين وغسالة صحون، وهذه الطريقة في الرد مبنية في جزء منها على مادية بسيطة وطبيعية موروثة عن الفقر، وفي جزء آخر على التطير من التحدث بكلمات مثل: «سعيد»، «خائف»، «حزين»).

كان زوج الخالة مادج من نوع المزارعين الذين يحبون التروي في كل شيء، وكان يهتم بالشئون السياسية، وصاحب رؤية، وعنيدا، ومسليا. لم ينجبا أطفالا ومن ثم لم ينتقص شيء من مشاعرها تجاهه. كانت تشعر بالسعادة في صحبته، وما كانت لترفض أي دعوة للذهاب معه إلى المدينة، أو أن تذهب معه في نزهة بسيارته، مع أنها أمضت حياتها تشعر بالقلق كلما ركبت معه السيارة؛ فقد كان أسلوب قيادته مخيفا، علاوة على أنه في السنوات الأخيرة من حياته عانى من ضعف الإبصار، ولكنها لم تشعره بذلك فلم تحاول تعلم القيادة بنفسها، كان دعمها له دائما، وبذلك يمكن وصفها نموذجا للزوجة المثالية، إلا أنها لم تعط قط انطباعا بالتضحية، أو الصبر، أو القيام بواجباتها، مثل تلك الصفات التي يبحث عنها المرء في المثل العليا. تجدها مرحة، ولكن وقحة أحيانا؛ لذا فإن الناس لم تكن تحترمها بسبب حبها، بل كانوا يرونها محظوظة أو حتى خفيفة العقل. وبعد وفاته لم تعد تهتم بحياتها، وكانت تنظر لها باعتبارها فترة انتظار، حيث كانت تؤمن إيمانا راسخا بالنعيم واليوم الآخر، وقد حالت نشأتها دون وقوعها فريسة للاكتئاب.

أما زواج جدتي فكان قصة مختلفة؛ فقد تزوجت جدي في حين كانت لا تزال في حالة حب مع رجل آخر. كانت والدتي قد أخبرتني بهذا؛ فقد كانت تحب القصص، خاصة القصص التراجيدية المليئة بالمآسي وما يفعله القدر من صروف وتقلبات. وبطبيعة الحال، لم تذكر الخالة مادج وجدتي أي شيء حول هذا الموضوع. ولكن عندما كبرت وجدت أن الجميع على علم بهذا الأمر. ظل الرجل الآخر في الحي، كما فعل معظم الناس؛ فقد كان مزارعا وتزوج ثلاث مرات. وكان ابن عم كل من جدي وجدتي؛ ولذلك كان يزورهما في كثير من الأحيان بمنزلهما، كما يفعلان أيضا معه. وقبل أن يتقدم لزوجته الثالثة جاء لرؤية جدتي، وكان هذا ما قالته لي والدتي. خرجت من المطبخ وركبت معه عربة تجرها الأحصنة وكان من السهل أن يراهما الجميع. فهل طلب نصيحتها، أو استأذنها؟ تعتقد أمي اعتقادا قويا أنه طلب منها أن تهرب معه. تعجبت؛ فقد كانا يبلغان من العمر نحو خمسين سنة في ذلك الوقت، أين يمكنهما الهروب؟ إلى جانب ذلك؛ فقد كانا ملتزمين دينيا، ولم يتهمهما أحد بسوء السلوك. التقارب، والاستحالة، والتخلي، تلك التركيبة تجعل الحب دائما ومستمرا. وأعتقد أن هذا كان خيار جدتي؛ تلك العاطفة الخطرة المنكرة للذات والممجدة لها في ذات الوقت، تلك العاطفة التي لم تشبعها قط، لتستمر مدى الحياة. لم نتحدث قط في هذا الأمر في حياتنا ربما باستثناء مرة واحدة أو مرتين، لظروف معينة.

كان جدي رجلا لا يحب الشكوى، وكان يفضل العزلة. كان قد تزوج في وقت متأخر من حياته، واختار حبيبة رجل آخر لأسباب لم يفصح لأحد عنها. في فصل الشتاء كان ينهي أعماله في وقت مبكر، ويقوم بكل شيء بدقة ومهارة، ثم يبدأ في قراءة كتب في الاقتصاد والتاريخ. درس لغة الإسبرانتو، قرأ رفوفا من روايات العصر الفيكتوري عدة مرات. كان لا يناقش ما يقرؤه ويحتفظ بآرائه لنفسه، على عكس صهره. مطالبه من الحياة، وتوقعاته من الآخرين كانت منخفضة للغاية، لذلك لم تكن هناك أي إمكانية لتعرضه لخيبة الأمل. ولا أحد يعرف إن كانت جدتي قد أصابته بخيبة الأمل في حياتهما الخاصة، وإن كان قد توقف عن محاولات التقرب منها، لا أحد يعرف.

وأنى لأي شخص أن يعرف؟ كيف لي أنا أن أعرف ما أدعي معرفته؟ لقد استغللت هؤلاء الأشخاص، ليس جميعهم ولكن البعض منهم، من قبل. لقد غررت بهم وغيرتهم وشكلتهم بأي شكل من الأشكال أريده ليتناسب مع أهدافي. أنا لا أفعل ذلك الآن، وأحرص قدر ما أستطيع، ولكني أتوقف وأتعجب، وأشعر بوخز الضمير مع أنني لا أفعل على نحو علني إلا ما فعلته دائما، ما فعلته أمي، وما فعله الآخرون، الذين حكوا لي قصة جدتي. حتى في هذا المكان الذي حكيت لي القصة فيه، يجري اختلاق العديد من القصص. كان الناس يتبادلون قصصهم فيما بينهم. جدتي كانت تحتفظ بقصتها، ولم يتحدث أحد حول هذه القصة في وجهها.

لكن حديثي هذا يقتصر فقط على الحقائق. لقد قلت أشياء أخرى، لقد قلت إن جدتي اختارت نوعا معينا من الحب، لقد أشرت إلى أنها كانت مدمرة عاطفيا ولكنها كانت تخفي ذلك داخلها بعناد. لم تحدثني عن أي شيء، ولم أسمعها تحدث أحدا غيري، حول هذا الأمر. ولكنني لم أخترع ذلك، وأنا حقا أصدقه، دون أي دليل أصدقه، ولذا أصدق أنه كانت تصلنا رسائل بطريقة أخرى تفيد بأن هناك صلات بيننا لا يمكننا أن نلمسها، ولكن يجب الاعتماد عليها. •••

تحولت العاصفة بعد ذلك لعاصفة عاتية شديدة استمرت أسبوعا. ولكن بعد ظهيرة اليوم الثالث، أثناء مكوثي بالمدرسة، نظرت من النافذة ورأيت أن الرياح قد هدأت على ما يبدو، لم تكن هناك ثلوج تتساقط، وكانت السحب متقطعة. فكرت أنه بعد انتهاء العاصفة سأكون قادرة على العودة إلى بيتنا تلك الليلة. دائما ما يكون البيت أفضل بعد قضاء بضع ليال في منزل جدتي، حيث لم أكن مضطرة للانتباه لما أقول وأفعل دائما. كانت والدتي تعترض على بعض الأشياء، ولكن كان لي اليد العليا عليها. ومع ذلك، كنت أنا من يقوم بتسخين المياه على الموقد ونقل الغسالة من الشرفة وكذلك الغسيل، مرة واحدة كل أسبوع، إضافة إلى تنظيف الأرضية البالية، وكنت أعد لها على مضض أكواب الشاي التي لا نهاية لها. لذلك كنت أقول: «يا له من شيء مقرف!» عندما أنظف الموقد ويعلق بي بعض التراب. يمكنني القول إنني اعتزمت تكوين علاقات واستخدام وسائل منع الحمل وعدم إنجاب أطفال. كنت أتوق إلى زواج يثير غيرة الآخرين، يكتنفه الأمان ومليء بالعاطفة على حد سواء، وتخيلت قميص النوم الذي أود ارتداءه عندما أكون مع زوجي حبيبي للمرة الأولى. أستطيع أن أقول إنه ليس ثمة خطأ في الكتابة عن الجنس في الكتب وكذلك لا يوجد ما يعرف بالكلمات القبيحة. لم تكن شخصيتي صاحبة الصوت العالي الفاضح التي كنت عليها في منزلي شبيهة بشخصيتي الكتومة الحصيفة في بيت جدتي، ولكن إذا حكمنا على ظروف كل شخصية باعتبارها أدوارا أؤديها يمكن رؤية أن للشخصية الأولى بعدا أعمق. أنا لم أتعب من ذلك بسهولة، في الحقيقة أنا لم أتعب من ذلك على الإطلاق.

Bilinmeyen sayfa