وهذا أسهل من تأنيث الصوت قليلا، لأن بعض السنين سنة، وهي مؤنثة وهي من لفظ السنين، وليس الصوت بعض الاستغاثة ولا من لفظها، ونظائر هذا كثيرة، وفيه وجه آخر، وهو أنه أراد الأصوات، أخرجه مخرج الجنس، لأنه مصدر، والمصادر قلما تجمع، كما تقول قوم صوم وزور وضيف.
ومنها ما حكاه الأصمعي عن أبي عمر بن العلاء، أنه سمع بعض العرب يقول -وذكر إنسانا، فقال: فلان لغوب- جاءته كتابي، فاحتقرها.
فقلت له: أتقول: جاءته كتابي١؟ فقال نعم: أليس بصحيفة؟ فقلت له ما اللغوب؟ فقال: الأحمق، ومثله قول لبيد:
فمضى وقدمها كانت عادة ... منه إذا هي عردت إقدامها٢
قالوا: أنث الإقدام لأنه ذهب بها إلى التقدمة.
_________
البيت لجرير يمدح هشام بن عبد الملك بن مروان.
انظر/ خزانة الأدب الكبري للبغدادي "٢/ ١٦٧".
تعرقتنا: أكلت لحومنا، ويقال: عرق العظم: إذا أكل ما عليه من اللحم. لسان "٤/ ٢٩٠٦" والشاهد فيه: تأنيث السنين.
ويري ابن جني أنها أسهل قليلا من تأنيث الصوت لأن بعض السنين سنة.
إعراب الشاهد: السنين: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة لأنه ملحق بالجمع المذكر السالم.
١ جاءته كتابي؟: استفهام الغرض منه التأكيد على جواز أن يؤنث المذكر، بحيث إن الكتاب صحيفة فجاز تأنيثه.
٢
فمضى وقدمها وكانت عادة ... منه إذا هي عردت إقدامها
التعربد: التأخر وسرعة الذهاب في الهزيمة والفرار. لسان العرب "٤/ ٢٨٧٢". مادة "عود". الإقدام: بمعنى التقدمة، ولذلك أنث فعلها، فقال: "وكانت" أي وكانت تقدمة الأتان عادة من العير إذا تأخرت هي أي خاف العير تأخرها.
والشاهد فيه: تأنيث الإقدام.
وإعراب الشاهد:
إقدامها: إقدام: فاعل مرفوع بالفاعلية وعلامة رفعه الضمة الظاهرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.
1 / 26