فروع مستحسنة، والحروف التي هي فروع مسقبحة، والحركات التي هي فروع متولدة عن الحركات، كتفرع الحروف عن الحروف. وأذكر أيضا ما كان من الحروف في حال سكونه له مخرج ما، فإذا حرك أقلقته الحركة، وأزالته عن محله في حال سكونه. وأذكر أيضا أحوال هذه الحروف في أشكالها، والغرض في وضع واضعها، وكيف ألفاظها ما دامت أصواتا مقطعة، ثم كيف ألفاظها إذا صارت أسماء معربة، وما الذي يتوالى فيه إعلالان بعد نقله، مما يبقى بعد ذلك من الصحة على قديم حاله، وما يمكن تركبه ومجاورته من هذه الحروف وما لا يمكن ذلك فيه، وما يحسن وما يقبح فيه ما ذكرنا، ثم أفرد فيما بعد، لكل حرف منها بابا أغترق فيه ذكر أحواله وتصرفه في الكلام، من أصليته وزيادته، وصحته وعلته، وقلبه إلى غيره، وقلب غيره إليه.
وليس غرضنا في هذا الكتاب ذكر هذه الحروف مؤلفة، لأن ذلك كان يقود إلى استيعاب جميع اللغة، وهذا ما يطول جدا، وليس عليه عقدنا هذ الكتاب، وإنما الغرض فيه ذكر أحوال الحروف منفردة، أو منتزعة من أبنية الكلم التي هي مصوغة فيها لما يخصها من القول في أنفسها، وأقروا ذلك شيئا فشيئا على تأليف حروف المعجم، دون مدارج الحروف، كما آثرت، وبه أمرت، وسأتجشم لطاعتك المضض، بانكشاف أسرار هذا العلم، وبدوها لمن يتدرعه وهو عار منه، ويقرب إليه وهو ناء عنه ويظهر اللطف له والحفاوة، وهو الغاية في الجهل به والغباوة، ومن إذا قامت سوقه بين الرعاع والهمج، فقد علا عند نفسه أرفع الدرج، وأنسي ما عليه في عقوقه العلم ومروقه من جملة حملته، وأشياعه وحفدته، فلولا مكانك لما مكنته من اكتلاء غرره وعيونه، واجتلاء أبكاره وعونه. على أن ما أخذ من هذا الوجه خداعا وحيلة، ومواربة وغيلة، فأحر به ألا يكون عبد الله زاكيا، ولا من داء الجهل شافيا.
جعلنا الله ممن إذا أنعم عليه شكر، وإذا وعظ اعتبر، وجعل ما علمناه خالصا لوجهه، مدنيا من رضاه، مبعدا عن غضبه، فإنما نحن له وبه، والحمد لله، وصلواته التامة الزاكية، الطيبة المباركة، على محمد المرتضى وآله، وهو حسبنا وكفى.
1 / 18