وبعد برهة فتح الباب ودخل الجنرال، فأجال نظره فيما حوله فلم يجد غريبا بالغرفة، بل وجد فاننكا راقدة على سريرها باهتة نوعا ولكنها هادئة، فاستقبلته باسمة الثغر وقالت له بصوت يكاد يسيل رقة وعذوبة: أي فرصة سعيدة شرفتني بمجيئك يا والدي في هذه الساعة المتقدمة من الليل؟
قال الجنرال: لقد لاح لي أن أكلمك في شأن خطير، وكان قد استولى علي الأرق، فافتكرت أنك لا تؤاخذينني على إقلاق راحتك لو أتيت إليك في مثل هذه الساعة.
قالت الفتاة: مرحبا بك يا والدي في أية ساعة أتيت من ساعات الليل أو النهار، فقل ما ترى، إني مصغية لما تقول .
فسرح الجنرال نظره ثانية حوله، فلم يجد ما يبعث إلى الظن بوجود شخص مختف بالغرفة التي هو فيها، فعزم على تفتيش غرفة الوصيفة، ثم التفت إلى ابنته قائلا: نعم يجب أن تصغي لما أقول، إنما أظن أننا لسنا وحدنا، ومن الواجب ألا يسمع غريب ما يدور بيننا.
قالت فاننكا: لكن أنوشكا أختي في الرضاع، وليست غريبة منا.
قال الجنرال: لا يعنيني.
ثم تناول شمعة، وقصد غرفة الوصيفة فقال: اخرجي يا أنوشكا، وقفي بالدهليز وراقبي ألا ينصت أحد لما نقول.
فخرجت الوصيفة، وسرح الجنرال نظره في غرفتها، فوجدها خالية إلا منه وابنته، فخرج ثانيا بعد أن التفت مرة أخرى وراءه، ولما صار في غرفة فاننكا جلس بجانب سريرها، ثم مد يده إليها فمدت يدها إليه بلا تردد، فقال لها: إني أريد محادثتك في أمر خطير.
قالت: وما هو يا أبتي؟
قال: لقد كدت أن تبلغي الثامنة عشرة، وهو السن الذي تتزوج فيه عادة بنات الأشراف من الروسيين.
Bilinmeyen sayfa