Fasaha Sırrı
سر الفصاحة
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الطبعة الأولى ١٤٠٢هـ_١٩٨٢م
أحسن شئ وأليقه وأقربه إلى الحقيقة والجامع بينهما أن كلا منهما غبر وعقابيل قد أنهجت جدته وذهب أكثره وهو معرض للنبذ وهو منسوب إلى الاطراح والرفض وهذه وجوه ظاهرة تحمل الاستعارة عليها.
وأما قول أبي عبادة البحتري:
وكنت إذا استبطأت ودك زرته ... بتفويف شعر كالرداء المحبر
عتاب بأطراف القوافي كأنه ... طعان بأطراف القنا المتكسر
فلعمري أن هذه المقابلة الصحيحة لأن للقوافي طرفًا بلا شك وأولًا ووسطا وآخرًا فإن كان أبو عبادة لا يريد طرف القافية الحقيقي وإنما مقصوده أنى ألوح بالعتاب في القصائد ولا أصرح به فهو يفهم من معاريضها وملاحنها وحيا وعلى وجه الإيماء والاشارة وهي غير مقصورة عليه ولا مفردة لذكره فبهذا أيضًا جرت العادة في استعمال الطرف. وإذا قال القائل تلوحت من أطراف كلام فلان كذا وكذا فإنما هذا المعنى يريد وله يعنى والبحتري على كل حال محسن: وأما تفويف شعر فإن النظم إذا كان نسجًا وصف بالصقال والرقة وكثرة الماء والهلهلة والمتانة وغير ذلك مما يستعمل في الثياب المنسوجة من النعوت المحمودة والمذمومة كان التفويف فيه جاريا هذا المجرى ومعدودا من هذا القبيل.
وأما قول الرضى:
ملك سماحتي تحلق في العلا ... وأذل عرنين الزمان السامي١
فليس عرنين الزمان من الاستعارة الجيدة وإنما بناه على ذكر الأنف الحقيقي عند وصف صاحبه بالذل وقد وردت استعارة الأنف في مثل هذا الموضع وكلاهما قبيح قال تأبط شرًا:
١ العرنين: الأنف كله أو ما سلب منه.
1 / 137