أما السكنجبين فهو أول ما صنع لدى القرنين وأجوده المعتد وإبقاء المنعقد وشراب . الرمان يوجل المعدة وفيه تبريد الكبد . وشراب الخشخاش والبنفسج والنيلوفر فوائد عملها في الرأس وشراب الراسن يعمل في الخلط السوداوي حتى زعم أبو نصر الفارابي أنه يغني عن المفرح الصفير وأما شراب التفاح وما يتخذ منه ففيه الفوائد القلبية . وأما شراب الورد فهو يسهل الخلط الصفراوي فان أعنته بدرهم ونصف تريد ودرهمين سورنجان فيكون سفوفا قبل شراب الورد أو بعده . وأما الأرباب فرب السفرجل يعصم المحرور ورب التفاح بعمل في النميجة الواردة عن ضعف القلب إذا كان من حرارة ورب التوت فخاصيته في الحلق . وجميع الأشربة والربوب فالغناء عنها بالحمية مع العود إلى العادة القديمة كما جاء في الحديث : ' المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء وعود وأكل بدن ما أعتاد ، ولا باس لمن أعتاد الشربه أن يتعهدها عند الحاجة إليها قال أبو طالب المكي رضي لله عنه لا تتعرضوا مع العافية إلى الدواء فربما يفضها وضرب الدواء في الخريف أولى من الربيع لقريه من المآكل التي تحدث السهولة . وأما البقول فأنفعها الهليون والاسفناج . روى ابن قتيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ' أربع حشائش من الجنة يقطر عليها في كل ليلة قطرة من ماء الجنة وهي الاسفناج والهندبا والهليون والخس ' ففي الهندباء تبريد وفي الاسفناج والهليون ترطيب والخس يولد دما صالحا وانفع الهليون ما عمل بمخاض البيض والزيرباج . وأنفع البيض مخاخه . وأجود الخيار القليل من باطنه وأما الكرفس فانه يفتح السدد قليله وقد يتبرك به الناس في بعض البلاد . والسداب يورث الجذام إذ اصله من خرء الذباب . قال صلى الله عليه وسلم في التين ' كل التين رطبا كان أو يابسا فانه ينفع في الجذام والنقرس والبرص ' . زعم الأطباء أن في التين خاصية قطع الناسور ويدر دم الحيض وأنفعه الغدي الصغير الأزرق البالغ وأكله على الريق أنفع وآخره أجود من أوله . وأول البطيخ أجود من آخره وخيار الخريف حمى وريحان الخريفه زكام والشرب في كوز الجماعة يورث الآلام . وسره من أبخرة الأفواه وحقن البول يورث حصاة المثانة وشرب بذر البطيخ السقي يعمل في عسر البول وغديه إذ أدق مع الكشنة أو العدس ينعم البدن ويزيل الزهكة . ويكره العسل في الحمام بالعدس والمواضع النجسة ويجوز الغسل بالعدس في الأواني ودارك الأشنان ينشف رطوبات الأبدان ويسمن ويسمر الألوان ومعجون السمسم فيه ترطيب الشعر وتنعيم البدن وشقاق القدمين أمان من الجذام وأكل اليقطين يعمل في الخلط السوداوي وحلاوة القرع يزيل التجفيف . والزيرباج فاعدل الألوان . لكن بشرط أن يضاف إليه الخشخاش المرضوض . واللوز المحمص المرضوض مع الدار جينى والزعفران يحل بالماء الورد والعسل وبوضع في رأس البطيخ هذه حيلتهم على السكنجبين وانفع الحلوة ما كثر خبزه وأرطبها حلوة البيض والقطايف أميرها والمسير ثقيل في المعدة وأجوده السهل الناعم مثل الصابونية والكافورية . وأما خبيص اللوز فثقيل وأجوده الناضج الكثير الخشخاش وأما الهرايس فأجودها أنضجها وأحقها بلحم الحديث من المعز والضان قال صلى الله عليه وآله وسلم ' شكوت إلى أخي جبرائيل ضعف الوقاع فأمر في بأكل الهرايس فوجدت لأمري جبرا ' والإكثار من لحم الدجاج يورث الحرارة في الأطراف والمأمونية بالخروف المشوي أجمل لكنها اثقل هذا فصل إشارة في الأدوية والأطعمة وانفعها مادام وقل حسابه : فهذا طعام المترفين . فقد قدم عثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم قطايفا بالقند والفستق ودهن القرع ففرك وجهه صلى الله عليه وسلم ثم قال : ' آه من طعام المترفين وحساب المترفين ، وقدم قعب من حليب وتمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ' كليه يا عائشة فالسمن يكن أليق ' . كان يأكل النيت بعسل العرفط والمعافير فمن ترك شهوات الدنيا وهو قادر عليها كتب له من الأجر ما لا يعد والسر فيه أنه أوقع بينه وبين نفسه فسكت عن اللذات والشهوات فإذا فارقت هذا العالم الخسيس والحبس المظلم والجسد المعتم لم تتأسف على مفارقة المحقورات رقت على عالمها وشرفت بعملها مثل العلوم المرسومة المنتقشة فيها مثل علم التوحيد وهو العلم بالله وحده : بالبراهين النقلية والعقلية يحدث به لك جناح تخرق به عالم الملكوت إذ الأرواح ثلاثة : نفس العارف والناسك والزاهد إذا اجتمعت خلالها الثلاثة فلا يضرها الموت ولا الفوت لأنها كاملة رقت إلى عالم الكمال فهي تحظى بما ليس في الجنة من المقامات العلوية والأنوار القدسية في الحضرة الصمدية مجاورة للملائكة الروحانية تجتمع إليها وتسمع عليها من العلوم المودعة عندها فهي تنفصل عن عالم الكون والفساد وتلتحق بعالم البقاء الذي ليس فيه نقض ولا نفاد : ' أعددت لعبادي في جنتي مالا عين رأت ولا إذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ' . أعلم : أن هذا الحديث يدل على أن وراء نعيم الجنة نعيما لا تدركه النفوس إلا مع المشاهدة فهذا يعجز عن صفه مشاهدة لأنها لذة ذاتية تجوز عن حد التعبير والتفسير كما لو قيل للعنين عن لذة الجماع لما عقل . ومدرك اللذة لا يقدر على تعبيره فهذا لا يدركه إلا شاهده وهو النظر إلى الله الكريم وأنت تريد أن تعرف لذة المشاهدة من غير إبصار : كما لا ينتفع الجبان بذكر الحرب من غير مشاهدة ولا مواقعة وكيف تطمع مع الغفلة برفع الحجاب وقد سمعت أن زين العابدين عليه صلوات الله كان إذا قام في صلاته يرفع السد بينه وبين محبوبة فيطاف بقلبه في عالم الملكوت الأعلى وهو معنى قول أمير المؤمنين على عليه السلام سلوني عن طرق السموات فأني أخبركم بها وأنت أيها المبطل الغافل عبد نفسك وأسير شهوتك وتريد أن تلحق بالأبرار والمقربين أو تطعن مع حجتك وجهلك في كرامات الصالحين : شعر : تريدين إدراك المعالي رخيصة . . . و لا بد دون الشهد من إبر النحل تريدين أن أرضى وأنت بخيلة . . . فمن ذا الذي يرض الأحبة بالبخل فجاهد ولا تجاهد واركب فرس حسن ظنك واقطع الغاية حتى تكون آية والبس ثوب الشفاء : إن أحببت اللقاء وأرض بالعيش الطفيف إن أحببت أن ترقى في عالم المجد إلى قبلة حمى الملكوت قال صلى الله عليه وآله وسلم ' ظفر الزاهدون بعز الدنيا ونعيم الآخرة ' وسلم المجنون على ليلى فأبت رد السلام فقال لها : ولم فقالت أخبرت أنك نمت البارحة لحظة ولو كنت صادقا لما نمت عنا فقال عسر على زيارتكم فأحببت أن أراكم في المنام فنمت فقالت له ليلى كان شخصي قد زال عن قلبك ومثالي فقال عزفت عن المثال فاستفقت إلى التمثال فأنشدت ليلى . لم يكن المجنون في حالة . . . إلا وقد كنت كما كانا بل لي عليه الفضل من أجل ما . . . باح وإني مت كتمانا قالوا يا رسول الله إن بشرا وهندا ماتا في حبهما فقال صلى الله عليه وسلم : ' عجزا عن حمل المحبة فماتا ' ثم قالت عائشة : حتى لك بورثك شوقا وفقرا ؟ فقالت : أو أبقى بعدك لا كنت إن بقيت فقال كمتبقين ولكن تشقين حتى تلقين ثم قال يا عائشة إذا مات الزوجان المتحابان فلينظر أحدهما رفيقه كانتظار الغائب . شعر : نرى تقدم الغياب حتى نراهم . . . و نأخذ شوقا منهم حين نأنس لقد ضاقت الدنيا علينا ببعدكم . . . كمن غص بالماء الفرات فييأس لئن غبتم عن ظاهر الأمر بيننا . . . فما أنا إلا للمحبة أدرس إذا ما جلسنا بذكر الين بيننا . . . تضيق القوافي منكم حيث أجلس ولما حضر الموت الصديق قالت زوجته وأفراقاه فقال الصديق بل أنا وأفرحاه بلقاء الأحباب . فلا تخف الموت إن كنت مشتاقا إلى أحبابك فلا بد من اللقاء في دار البقاء فشمر عليك وقدم بين يديك عساك تظفر بسهرك فمن أدلج بلغ المنزل ومن جعل الليل له جملا قطع عليه اوز الهلكات . شعر : فثب واثقا بالله وثبة ماجد . . . ترى الموت في الهيجا جنى النحل في الفم وشق الجنيد جبيبته لما سمع صبيا يترنم ويقول : أرى زماني يمر بخشن وينقضي بالمغالطة . وقد تركني زماني بحال . مالي حال إذا صحت الأعمال وطينت الأجسام وسهر العاشقون وقللوا الزاد والرقاد : فتحت أبواب بساتين الاشتياق ونزعت شموس المعرفة أزهرت مزاهر القرب من وراء الحجب وأشرقت هياكل القلب من أنوار جمال الرب ورفع الحجاب وقطعت الأماني ونادى العاشق بمعشوقه : كوشف بالكائنات وشاهد حقائق الموجودات وحظي بأنواع المكاشفات ونثر عليه نثار الكرامات وبشر بأعلى المقامات . وقال أبو الحسن النوري دخلنا على أبي يزيد البسطامي فوجدنا لديه رطبا فقال كلوه فأنه هدية الخضر جاء بها من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ما طلبتها إلا من الله تعالى ما طلبتها بواسطة الخضر : أكلها على يدي الخضر ، ثم دخلنا عليه في الجمعة الثانية فوجدنا بين يديه رطبا في طبق ذهب أحمر فقلنا ما تطعمنا منه فقال لا هي لي ولا لكم فقلنا كيف حديثها فقال كنت قاعدا بالليل أتلو القرآن فسمعت خذ الهدية منالا واسطة بيننا وأعلم أيها الغافل المحجوب عن لذة المعرفة أن أحباب الله يتدللون عليه كما يتدلل المعشوق على عاشقه . كما قالت رابعة : يحق ما كان بيني وبينك البارحة أجمع اليوم بيني وبين شيخنا يونس بن عبيد . فدخل يونس فقال يا رابعة ضيعت دعوة فيما لا بد أن يكون . فقالت يا شيخ دع عنك هذا فأين آثار دلال الأحباب وأنت تريد سببا بلاش فهذا طلب الأوباش . قال الجنيد لرجل يعطى أجره الفعلة : أما تعطيني معهم يا شيخ فقال الرجل يا أحمق تمنى نفسك بالبطالة لو عملت لأخذت . وقد مر الشبلي بدار فسمع صاحبة الدار تقول لزوجها لا ثمن عليك إلا بقدر فعلك تريد بلاش عناق وزقاق فقال الزوج الكسل يعمل أكثر من هذا وانشد . قد قاتني مقصدي فذبت جوى . . . حطت لدينا مصائب الكسل لو عملت لرضبت عنى خليلة
Sayfa 75