إنا قد عرفناك بطرق ثلاث داعية إلى الملك وها نحن نعرفك بطريقة أخرى فنقول يا أيها المعيب ألقاك من فلان حتى يثبت على الملك بماله وآله وملكه ومقاله وأبيه وأمه فيقول له من كان نمرود بن كنعان وعاد صاحب الجنان فادريس مخيط الخيام ونوح نجار للأيام وإبراهيم راعى الضأن وداود زراد وطالوت دباغ وصالح تاجر وسليمان خواص وعيسى سراج وآدم حراث أما تتعظ بقوله تعالى : ( تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء ) . وأعلم أنه لا بد لك من ملك تقتدي به وتمل إليه فللحيوان أمير ومقدم كالنحل والنمل . وغيره إن فهمت بأذان العقل فكن أطوع من ضيف . وإلا هامتك والسيف . أما سمعت قول المشرع عليه السلام ' أطيعوا أميركم ولو كان عبدا حبشيا ' قال الله تعالى : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) فإن فهمت المواعظ فقد قال رسول لله صلى الله عليه وسلم ' لا تشابكوا المساعيد فأني سيدهم ' فإن عربد الجهل فأنظر إلى البازي والعقاب والنسر والذباب كما نظمه ذوو الألباب شعر يا طالب الرزق السني بقوة . . . هيهات أنت بباطن مشغوف رعت النسور بقوة جيف الفلا . . . و رعى الذباب الشهد وهو ضعيف و أنت أيها العاقل لا تشابك الزمان والدول ولا تفتن بما جرى للقوم الأول لم إذا سمعت بالمرتاضين فكن بهم ملما فان خواص أنفاس القوم فيها جذب مغناطيسي أما سمعت بذي القرنين لما سمع بأرباب الهمم الهندية وهم أربعون رجلا اتخذ لهم ما أزعجهم وفرق هممهم مثل زعجة الطبول والأبواق فتفرقت هممهم فداسهم وأنظر إلى المعاني التي أودعناها في كتاب الملك فإنها كافية واستزد من إشارات ولا تكذب الكلمات فأنها أخوات المعجزات وأعلم أنه لا يستقيم جسم من غير رأس ولا سماء من غير شمس ولا تحسن أرض من غير عمارة وفلاحة وتجارة وموت وحياة وغنى وفقر وملك وسياسة وإمارة ووزارة فالأمور منظومة بعضها ببعض كما سنبين لك فيما بعد .
Sayfa 54