قد علمت يا إسكندر أن الرعية بيت المال، الذي تقيم به رئاستك وترعى به رعيتك فانزل رعيتك منزل البستان فيه ضروب من الأشجار ولا تنزلها منزلة الزرع الذي يأتيك في الحول مرة وتستأنف زراعته إلى حول ثان فإن الأشجار قائمة الأصول لا يستأنف بدر {{بذرها}} فعلى مقدار منزلة بيت مالك من نفسك وأنه قوام ملكك وسلطانك يجب أن تكون رعايتك لأمرها إلا واحدا يكون مجربا للأمور غنيا ثقة أمينا يجني لك الثمرة ولا يهلك الشجرة، ويكون حسن الخلق محتملا صبورا حليما فإنه إن لم يكن بهذه الصفة نفر النفوس المستأنسة وأفسد الضمائر الخالصة. ولا تكثر من المتولين لخدمة خراجاتك وجندك فيدخل الفساد عليك من حيث قدرت B # الحزامة بكثرتهم وذلك أن كل واحد منهم يريد الظهور على صاحبه بإفساد حاله ويسعى بإظهار الفائدة بإدخال الداخلة على الرعية وكل واحد يسعى لنفسه ما يقيم به حاله من الرشا فيفسد الكثير باليسير فاعلم ذلك واحسم علل.
المقالة الخامسة في سفرائه ورسله وهيئتهم ووجه السياسة في بعثتهم
اعلم وفقك الله أن الرسول يدل على عقل المرسل إذ هو عينه فيما لا يرى وأذنه فيما لا يسمع ولسانه عندما غاب عنه فيجب أن تختاره أرفع من بحضرتك عقلا وبصيرة وهيئة ومنظرا وأمانة وتجنب الجميع الريب. فإن وجدته كذلك فأرسل به وفوض إليه بعد أن يعرف غرضك ولا توصه بما يأتي به فربما وافق عند المشاهدة الصواب في غيره. وإن لم يكن بهذه الصفة فليكن أمينا ثقة يقظا لا يزيد ولا ينقص فيما أرسلته ويكون حافظا لوصيتك واعيا لما يسمعه من الجواب عليه
Sayfa 22