87

إلى المدينة المنورة وحين رأت قريش الهجرة والاصرار وتجمع المسلمين في يثرب ، عدا من حبسوه أو منعوه لاستضعافه ، وعدا رسول الله وعلي بن أبي طالب وأبي بكر؛ حين رأت ذلك ، ورأت تعاظم الدعوة الاسلامية ، ونشوب الضعف والانهيار والخواء في بنية المجتمع المكي الجاهلي وقربه من التداعي والسقوط، ائتمر زعماء الشرك وقادة قريش في دار الندوة ، وتداولوا في أمر النبي محمد (ص) ، فقال بعضهم : نحبسه .

وقال آخرون : نخرجه من مكة وننفيه لنبعده عن أرضنا وقومنا .

وقال آخرون : لا بل نقتله .

فاختاروا الحل الاخير ، فهو فيما توصلوا إليه آخر الحلول التي يلجأون إليها ، ونهاية الاساليب . وقد قرروا أن يختاروا عددا من غلمانهم يمثل كل واحد منهم عشيرة ، لتكون

(65)

جبهة المقاومة والشرك متراصة بوجه بني هاشم أعمام النبي ، فيصعب عليهم الطلب بدمه والاقتصاص من القتلة .

أجمعوا أمرهم وأعدوا عدتهم وقرروا موعدا للتنفيذ ، فأخبر الله نبيه وأوحى إليه بالحدث والمؤامرة :

( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) . (الانفال / 30)

فأجمع رسول الله أمره وتهيأ للهجرة والخروج من مكة ، وكان الليل قد أرخى سدوله ، ولف مكة صمت وسكون عميق ، وراح المتآمرون يجرون خطى الجريمة نحو بيت رسول الله (ص) ، فأحاطوا به وطوقوه وهم يرصدون شخص الرسول الكريم (ص) ويراقبون التحرك داخل البيت المبارك .

لقد قرر رسول الله ، بعد ثلاثة عشر عاما من بعثته - الخروج من مكة في بداية شهر ربيع الاول ، ثم طلب من الامام علي بن أبي طالب أن ينام في فراشه ، ليوهم قريشا أن رسول الله (ص) لما يزل في فراشه ، فيتأخروا عن طلبه والبحث عنه .

Sayfa 87