Sirat Ibn Hisham, Ed. Taha Abdul Raouf Saad

İbn Hişam d. 213 AH
27

Sirat Ibn Hisham, Ed. Taha Abdul Raouf Saad

سيرة ابن هشام ت طه عبد الرؤوف سعد

Araştırmacı

طه عبد الرءوف سعد

Yayıncı

شركة الطباعة الفنية المتحدة

Türler

اللَّهَ وَعَبَدَهُ، وَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ حَتَّى إذَا فَقِهَ فِيهِ، جَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ -وَكَانَ يعْلمُه- فَكَتَمَهُ إيَّاهُ وَقَالَ له: يابن أَخِي! إنَّكَ لَنْ تحملَه، أَخْشَى عَلَيْكَ ضعفَك عَنْهُ. وَالثَّامِرُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَا يَظُنُّ إلَّا أَنَّ ابنَه يَخْتَلِفُ إلَى السَّاحِرِ كَمَا يَخْتَلِفُ الغلمانُ، فَلَمَّا رَأَى عبدُ اللَّهِ أَنَّ صاحبَه قَدْ ضَنَّ بِهِ عَنْهُ، وتخوَّف ضَعْفَه فيه، عمد إلى قِداح١ فَجَمَعَهَا، ثُمَّ لَمْ يُبق لِلَّهِ اسْمًا يَعْلَمُهُ إلا كتبه في قِدْح، لكلِّ اسْمٍ قِدْح، حَتَّى إذَا أَحْصَاهَا أَوْقَدَ لَهَا نَارًا، ثُمَّ جَعَلَ يَقْذِفُهَا فِيهَا قِدْحًا قِدْحًا، حَتَّى إذَا مَرَّ بِالِاسْمِ الْأَعْظَمِ قَذَفَ فِيهَا بِقدْحه، فَوَثَبَ القِدْح حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا لَمْ تَضُرَّهُ شَيْئًا، فَأَخَذَهُ ثُمَّ أَتَى صَاحِبَهُ، فَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ الِاسْمَ الَّذِي كَتَمَهُ، فَقَالَ: وما هو؟ قال: هو كذا وكذا، قال: وَكَيْفَ عَلِمْتَهُ؟ فَأَخْبَرَهُ بِمَا صَنَعَ، قَالَ: أَيْ ابنَ أَخِي! قَدْ أَصَبْتَهُ فأمسكْ عَلَى نفسِك، وما أظنُّ أن تفعلَ. عبد الله بن الثامر يدعو إلى التوحيد: فَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الثَّامِرِ إذَا دَخَلَ نَجْرَانَ لَمْ يَلْقَ أَحَدًا بِهِ ضُرٌّ إلَّا قال: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أتوحِّدُ اللَّهَ، وَتَدْخُلُ فِي دِينِي، وَأَدْعُو اللَّهَ، فَيُعَافِيكَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ مِنْ الْبَلَاءِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُوَحِّدُ اللَّهَ ويُسْلم، وَيَدْعُو لَهُ فيُشْفَى، حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِنَجْرَانَ أَحَدٌ بِهِ ضُر إلَّا أَتَاهُ فاتَّبعه عَلَى أَمْرِهِ، وَدَعَا لَهُ فعوفِيَ، حَتَّى رُفِعَ شَأْنُهُ إلَى مَلك نَجْرَانَ، فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: أَفْسَدْتَ عليَّ أَهْلَ قَرْيَتِي، وَخَالَفْتَ دِينِي وَدِينَ آبَائِي، لأمثلنَّ بِكَ. قَالَ: لَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: فَجَعَلَ يُرسل بِهِ إلَى الْجَبَلِ الطَّوِيلِ، فيُطرَح عَلَى رَأْسِهِ، فَيَقَعُ إلَى الْأَرْضِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَجَعَلَ يَبْعَثُ بِهِ إلَى مِيَاهٍ بِنَجْرَانَ، بحورٍ لَا يَقَعُ فِيهَا شَيْءٌ إلَّا هَلَكَ، فيُلْقَى فِيهَا، فَيَخْرُجُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، فَلَمَّا غَلَبَهُ، قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الثَّامِرِ: إنَّكَ وَاَللَّهِ لَنْ تَقْدِرَ عَلَى قَتْلِي حَتَّى تُوَحِّدَ اللَّهَ فَتُؤْمِنَ بِمَا آمنتُ بِهِ، فَإِنَّكَ إنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ، سُلِّطْتَ عليَّ فَقَتَلْتنِي، قَالَ: فوحَّد اللَّهَ تَعَالَى ذَلِكَ الْمَلِكُ، وَشَهِدَ شَهَادَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الثَّامِرِ، ثُمَّ ضَرَبَهُ بِعَصَا فِي يَدِهِ، فَشَجَّهُ شَجَّةً غَيْرَ كَبِيرَةٍ، فَقَتَلَهُ ثُمَّ هَلَكَ الْمَلِكُ مَكَانَهُ، وَاسْتَجْمَعَ أَهْلُ نَجْرَانَ عَلَى دِينِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الثَّامِرِ، وَكَانَ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ مِنْ الْإِنْجِيلِ وحُكمه، ثُمَّ أَصَابَهُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ أَهْلَ دِينِهِمْ مِنْ الْأَحْدَاثِ، فَمِنْ هُنَالِكَ كَانَ أَصْلُ النَّصْرَانِيَّةِ بِنَجْرَانَ -وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بذلك.

١ القداح: السهام.

1 / 29