وله مقام يرفع الشدات
أحيف حط الباب من الجو للوطا
وعادت عصافير الشجر عاديات
عاد الضبع يا ناس للسبع طارده
وعادت عدانا بالهنا فارحات
ثم إن القيسيين أو عرب الشمال بزعامة الجازية تظاهروا بالخضوع لدياب، ووضعوا المناديل في رقابهم علامة الأمان، وخرجوا ينادون: «يا دياب، أنت ملكنا والحاكم علينا، ولا حد منا يعصي لك أمر.» لما نظروه وتقدموا وقبلوا أياديه ورجليه، وقالوا له: «أنت السلطان ومثلك يليق أن يكون سلطان.» «ثم دخل الأمير دياب وجلس على كرسي الأمير حسن، وصارت تأتي إليه الأمارة واحد بعد واحد يهنوه، ويدعون له بطول العمر، وأما الجازية والنافلة والحريم والأولاد فإنهم اختلفوا، وعند الليل ركبوا وساروا، وسبقتهم كثير من قومهم، وتسلطن دياب على كل بلاد الغرب، وأمر أن ينادى باسمه ، وأنه هو الملك حاكم بلاد الغرب، وصارت تأتيه الهدايا والتحف ورتب الحكام وعزل.» «ولما راق باله سأل عن أولاد حسن وأبي زيد، فأخبروه أن الجازية هربت فيهم مع بقية النسوان، وتبعهم ثلاثون ألف نفس من بني دريد وزحلان، فتكدر خاطره وقلوا حميت ظنوا السوء، وما آمنوا إلي، فأنا لا بد لي أن أذلهم وأقرهم؛ لأنه كان بفكري أن أرتب لهم معاش وأقوم بوصية الأمير أبو زيد، ثم ركب وتبعهم فما لحقهم، فرجع وهو متكدر.»
مصرع دياب وأبناء الشهداء
وما إن ساقت الجازية أبناء قتلى بني هلال وشهدائها، حتى أرضعتهم من حديد الثأر، وربتهم على القتال عند ملك يدعى شمعون، بلاده حارة يرجح أنها الحبشة.
والسيرة هنا في جزئها الأخير، إنما تؤرخ لجيل تال، أصبحت تطحنه بدوره الحروب القبلية أخذا للثأر، وتشفيا بالدم الواحد المراق، الذي أصبحت تغذيه الانقسامات القبلية والعشائرية.
بالإضافة إلى النداءات التحريضية للجازية وموثباتها في اتجاه الحرب، كمثل إيزيس حين خبأت ابنها المنتقم لأبيه حورس في أحراش الدلتا، إلى أن اشتد ساعده، فقتل عمه ومغتصب عرشه ست أو شنح، والذي هو في موقع دياب بن غانم، الذي كان قد تزوج بامرأة من قومه أو قبيلته اسمها «نسرين»، ذلك أن الحرب كانت قد التهمت كل أبنائه فيما عدا وطفة التي تسمى بها، لكنه أنجب من نسرين أميرا يدعى نصر الدين، وفي ذات الوقت الذي اعتنت فيه الجازية بتربية اليتامى وأهمهم الأمير بريقع ابن السلطان حسن مع أبناء أبي زيد.
Bilinmeyen sayfa