Sinema ve Felsefe: Biri Diğerine Ne Sunar?
السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى
Türler
لا حاجة للمرء برفض رأي وارتنبيرج حول ممارسة هذا الفيلم للفلسفة كي يقترح أن الشكل الذي يتخذه الدفاع عن الفيلم كوسيط للمعالجة الفلسفية يتضمن افتراضا مسبقا مثيرا للاهتمام. إذا لم نستكشف طبيعة هذا الافتراض، فسوف نسيء على الأرجح فهم آلية الارتباط الوثيق بين الفلسفة والسينما في أغلب الأوقات، وسبب هذا الارتباط. نجح وارتنبيرج في البرهنة على أن الأفلام تستطيع تقديم مواقف فلسفية، أو توضيحها، أو مناقشتها، وطرح أسئلة فلسفية، وغالبا ما تفعل ذلك. ونحن نقترح، فيما أطلقنا عليه الفرضية المعتدلة، أن الأفلام غالبا ما تتفوق حقا على النصوص الفلسفية الشفهية أو المكتوبة في القيام بالمهام السابقة. ربما السؤال المحوري ها هنا ليس هل تستطيع الأفلام القيام بذلك أو كيف تقوم به، بل كيف تعجز عنه؟ يقول وارتنبيرج (2007: 93): «لقد رأينا أن فيلما واحدا، «إشراقة أبدية لعقل نظيف» يقدم مثالا مناقضا للنفعية؛ ومن ثم يمارس الفلسفة فعليا ... وعلى عكس المتوقع لدى دارسي السينما والفلسفة على حد سواء، في وسع الأفلام الروائية تقديم حجج فلسفية عبر قصصها؛ لأنها تعرض تجارب افتراضية تلعب دورا محوريا في تقديم نماذج مناقضة للأطروحات الفلسفية.» هذا تعبير عما نطلق عليه الفرضية المعتدلة، ويبدو لنا أن مثل هذا الموقف المتواضع لن يصدمنا كموقف مناقض للحدس إلا إذا كنا غارقين حتى آذاننا في أغوار أيديولوجية ما غير منطقية حول السينما والفلسفة أو كليهما. هذا الكلام غير موجه بالضرورة إلى وارتنبيرج بقدر ما هو موجه إلى من يتحدث عنهم من المعترضين بناء على أسس فلسفية؛ فهم يؤمنون على ما يبدو بتصور بالغ السطحية حول الفلسفة وأصول التفلسف.
يفترض وارتنبيرج مسبقا عاملين في مناقشته هذه المسألة. الأول هو تفوق الفلسفة. إذا جسد فيلم ما تجربة افتراضية فلسفية فإنه يتمكن من ذلك عبر حشد قواه لمواجهة موقف فلسفي معروف؛ فالموقف الفلسفي يأتي أولا، ويمارس الفيلم الفلسفة عبر الاستجابة له بطريقة ما. (هذا ما يحدث غالبا، لكن هل يحدث دائما؟ وهل لا بد أن يحدث؟) والثاني هو تأكيده المفرط فيما يبدو على المحتوى الفكري للحجج السينمائية بدلا من طريقة إعدادها وتقديمها في الفيلم. إن جزءا مهما من منهج السينما في ممارسة الفلسفة هو قدرتها على تجسيد الحجة بطرق وجدانية؛ أي بطرق تحقق تجاوبا عاطفيا لدينا إلى جانب التجاوب الفكري. والمشاعر التي يولدها الفيلم قد تركز انتباهنا، وتمكننا من «رؤية» أو تقدير جوانب من حجة ما كانت لتطرح جانبا في أحوال أخرى. وباستثناء الحقائق القائمة على الملاحظة والتجريب (أن ترى شيئا رأي العين)، فإن التصديق في أغلب الأحيان ينبع من الرغبات والمشاعر أكثر من المنطق والدليل. وأحيانا يجب على الفكر الفلسفي ملاحظة هذا المكون الوجداني الذي يميز الفلسفة البارعة.
فلنلق نظرة على أنواع الفلسفات التي يعتقد وارتنبيرج أن فيلم «إشراقة أبدية لعقل نظيف» يناقشها. إذا استبعدنا آراء المناصرين الأوفياء لكل من النفعية وأخلاق الواجب، فسنجد أن الحقيقة الوحيدة التي جعلت، على ما يبدو، السجال بين كلتا النظريتين الأخلاقيتين المعياريتين (أو المبدأين المعياريين الرئيسيين) عصيا على التسوية؛ هي أن أي نظرية وحدها لا ترضي الحدس البشري الطبيعي، ولا تعطيه حقه فيما يتعلق بتحديد الصواب في القضايا الأخلاقية كافة.
7
تخيل ميل وبنثام، بصحبة كانط، يحضرون عرضا نهاريا بإحدى السينمات. اختار ميل وبنثام مشاهدة فيلم «إشراقة أبدية لعقل نظيف»، بينما اتجه كانط إلى صالة العرض المجاورة لمشاهدة إعادة عرض لفيلم «مذكرات آنا فرانك» (ذا دايري أوف آنا فرانك)، ثم التقيا في ردهة دار العرض بعد انتهاء الأفلام، ليقول كانط: «حسنا، لقد أخطأت تماما في كل ما كتبته عن الكذب. إن من حموا آنا وعائلتها فعلوا الصواب عندما كذبوا عند سؤالهم عن مكان العائلة. لا بد أن أعيد تأليف كتابي «أسس ميتافيزيقيا الأخلاق» و«نقد العقل المحض».» فيرد ميل وبنثام قائلين: «لا لا، في الحقيقة نحن نعتقد أنك توصلت إلى شيء ذي قيمة، إنها النفعية التي في حاجة إلى تعديلات جدية.» حسب وجهة نظر وارتنبيرج حول طريقة توليد الأفلام للحجج الفلسفية. من الصعب تخيل أي شخص، ناهيك عن كانط أو ميل أو بنثام، يغير رأيه نتيجة لترسخ مثال مناقض عرضه فيلم في ذهنه. والأمثلة المناقضة سوف يجري التعامل معها بدهاء في سياق ولاءات فكرية سابقة. رغم ذلك، تستطيع بعض الأفلام مع بعض الأشخاص في بعض الأحيان توليد نوع من التيقظ والتبصر الوجداني الذي قد يزعزع ولاءات وافتراضات سابقة حتى في وقت ظن فيه أصحابها أنها قائمة على أسس فكرية وعقلانية. الأفلام قادرة على «فرض» الأمثلة المناقضة علينا بطرق تسمح لنا بفهم وتقدير أفضل لقوتها وقيمتها كأمثلة مناقضة، وهذا لا يعني إنكار أنها قد ترفض رغم ذلك أو أنها يجب أن ترفض في بعض الأحيان.
قد ينبع افتراض وارتنبيرج المسبق حول أفضلية الفلسفة على السينما من وجهة نظر خاطئة عن نشأة المشكلات الفلسفية؛ إذ يقول (2007: 91): «رغم أن النصوص الفلسفية هي مصادر الكثير من الأفكار والنظريات والمواقف، فإن تلك الأفكار تكتسب حياة خاصة بها داخل إطار ثقافة ما.» مع ذلك فإن النصوص الفلسفية ليست دائما، ولا حتى في أغلب الأحيان، مصدر الأفكار، بل الثقافة هي المصدر. إن النصوص الفلسفية، لا الثقافة، هي المكان الذي تكتسب فيه «الكثير من الأفكار والنظريات والمواقف» حياة خاصة بها. وخارج النطاق الضيق لبعض صور الفلسفة الاحترافية، لا تنبع الفلسفة من نفسها؛ فالتساؤل الفلسفي يتولد من إحساس دائم ومركز من العجب والحيرة من الحياة، حياتنا وحياة الآخرين أيضا، كما نعيشها ونندمج فيها.
إن الأسئلة الأخلاقية التي تطرحها النفعية، والإجابات التي تقدمها، لا توجد، بداية، في كتابات ميل وبنثام، ولا ابتدعها كل منهما من لا شيء. إنما هي مسائل أخلاقية تثار في الحياة العادية. ومحاولات الفلسفة النفعية، في هذه الحالة، لترتيب وتصنيف إجابات لهذه المسائل ذات الأهمية لم تخرج إلى النور إلا بعد ما استحوذ علماء الأخلاق وذوو التفكير الفلسفي على تلك المسائل. والإيمان بأن «احتياجات الكثرة تفوق احتياجات القلة أهمية» (أو احتياجات الفرد)، حسب تعبير شخصية سبوك في مسلسل «ستار تريك»، سابق على صيغ النفعية التي ظهرت في القرن التاسع عشر. لم توجد المشكلات الفلسفية، بعيدا عن المشكلات شديدة التخصص، أولا وأخيرا في المقالات والنصوص الدعائية الفلسفية، بل هي مكون من مكونات الحياة. وغالبا ما تصورها السينما والأدب وتحللها كما هي بدرجات متفاوتة من النجاح، وتتناولها أيضا أشكال فنية أخرى، مثل الموسيقى والرسم، لا تتضمن محتوى سرديا واضحا أو ربما لا تتضمن أي عنصر سردي على الإطلاق.
لا يبتدع الفلاسفة، على الأقل في المعتاد، المشكلات الفلسفية العامة التي هي من مكونات الحياة. وتلك المشكلات ليست من ابتداع الفلسفة ولا ملكية خاصة بها. لذا لنفهم الصلة الجذرية بين السينما والفلسفة، وكي نفهم السينما كشكل من أشكال الفلسفة، لا ينبغي لنا الاكتفاء بالنظر إلى قدرة السينما على توضيح أفكار فلسفية محددة مسبقا أو ابتداع حجج فلسفية حول مواقف فلسفية محددة مسبقا. بل إن الصلة الأكثر جوهرية تكمن في وجود مصدر عام مشترك لمزاولة الفلسفة، وهو الحياة كما نعيشها، وتوجد على وجه الخصوص في اهتمام السينما بالقصص التي نخبر بها أنفسنا عبر سعينا لفهم ذواتنا وإرشادها، وشرح وتبرير دوافعها، والتماس العذر لها. إن قدرة السينما كمنبع للفلسفة لا تستنزف عبر قدرتها على معالجة القضايا الفلسفية النمطية بطرق مختلفة؛ فالسينما تمتلك قدرة هائلة في هذا الإطار، لكنها ليست الملمح الوحيد الذي يميز علاقة السينما بالفلسفة. فمثل الأدب، السينما وسيط يوظف أساليب متعددة، ليست جميعها من صنعها، كي تجسد القضايا الفلسفية كما تثار، أو كما قد تثار، في الحياة وفي الخيال. بل إن قدرة السينما على تصوير الحياة كما تبدو في الحقيقية وفي الخيال - والحياة دائما ما تكون خيالية بدرجة ما - هي ما تشكل الصلة الجذرية بين الفلسفة والسينما.
تفترض الفصول في الجزء الثاني من هذا الكتاب أن السينما والفلسفة غالبا ما يتضافران بطرق تلقي الضوء على كل منها بالتبادل؛ فالجمع بين المناقشة النقدية العميقة وخبرة مشاهدة الأفلام قد يعد سبيلا جذابا للتعمق في الفلسفة والسينما على حد سواء. إن الفلسفة لا تطرح منظورا مبتكرا لرؤية السينما، ولا توجد صلة فريدة من نوعها بين الاثنين. بل الأفلام في حد ذاتها استقصاء فلسفي، يشوبه الارتباك غالبا، مثلما يشوب الارتباك - في أحيان كثيرة - الاستقصاء الفلسفي الذي يضطلع به الفلاسفة.
أسئلة
Bilinmeyen sayfa