إذا قطعته من شجرته. وفيه معنى السرعة أيضا؛ فيقول: البلاغة إجادة فى إسراع، واقتصار على كفاية.
فمن البديهة الحسنة ما أخبرنا به أبو أحمد قال أخبرنا إبراهيم بن محمد الشطنى قال: حدثنى أحمد بن يحيى ثعلب قال: دخل المأمون ديوان الخراج فمرّ بغلام جميل على أذنه قلم فأعجبه ما رأى من حسنه؛ فقال: من أنت يا غلام؟ فقال:
يا أمير المؤمنين، الناشىء فى دولتك، وخرّيج أدبك، والمتقلّب فى نعمتك، الحسن بن رجاء. فقال المأمون: بالإحسان فى البديهة تفاضلت العقول. ثم أمر أن يرفع عن مرتبة الديوان ويعطى مائة ألف درهم.
ومن الاقتضاب الجيد: ما أخبرنا به أبو أحمد قال: أخبرنى أبو أحمد الواذارى عن شيخ له قال: قال أبو حاتم: سمعت أبا عبيدة يقول: استفتحت غلامين فى الصبا. فزكنت «١» منهما بلوغ الغاية، فجاءا كما زكنت: بلغنى أن النظام يتعاطى علم الكلام فمرّ وهو غلام على حمار يطير به، فقلت له: يا غلام؛ ما عيب الزّجاج؟ فالتفت إلىّ وقال: يسرع إليه الكسر، ولا يقبل الجبر. وبلغنى أنّ أبا نواس يتعاطى قرض الشّعر، فتلقّانى وهو سكران ملتخ «٢»، وما طرّ شاربه بعد؛ فقلت له: كيف فلان عندك؟ فقال: ثقيل الظل، جامد النّسيم. فقلت:
زد. فقال: مظلم الهواء، منتن الفناء. فقلت: زد. فقال: غليظ الطّبع، بغيض الشّكل. فقلت: زد. فقال: وخم الطلعة، عسر القلعة. قلت: زد.
قال: نابى الجنبات، بارد الحركات. ثم قال: زدنى سؤالا أزدك جوابا. فقلت:
كفى من القلادة ما أحاط بالعنق.
ومن جيد البدائه ما أخبرنا به أبو أحمد قال: أخبرنى أبى عسل بن ذكوان قال:
1 / 40