البخاري. وذكر عن الحسن البصري: " ما أمنه إلا منافق، وما خافه إلا مؤمن " ولقد ذكر عن بعض الصحابة: أنه كان يقول في دعائه: " اللهم إني أعوذ بك من خشوع النفاق. قيل: وما خشوع النفاق؟ قال: أن يرى البدن خاشعا والقلب ليس بخاشع ". تالله لقد مُلئت قلوب القوم إيمانا ويقينا، وخوفهم من النفاق شديد وهمهم لذلك ثقيل، وسواهم كثير منهم لا يجاوز إيمانهم حناجرهم. وهم يدعون أن إيمانهم كإيمان جبريل وميكائيل. زَرْع النفاق ينبت على ساقيتين: ساقية الكذب، وساقية الرياء. ومخرجهما من عينين: عين ضعف البصيرة، وعين ضعف العزيمة. فإذا تمت هذه الأركان الأربع، استحكم نبات النفاق وبنيانه. ولكنه بمدارج السيول على شفا جُرُف هار. فإذا شاهدوا سيل الحقائق يوم تبُلى السرائر، وكشف المستور، وبعثر ما في القبور، وحُصّل ما في الصدور. تبيّن حينئذ لمن كانت بضاعته النفاق، أن حواصله التي حصّلها كانت كالسراب ﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [النور: ٣٩]
1 / 21