Taassup Şehitleri
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Türler
وبعد هنيهة دخل الملك مجلس الأعيان، وتبعته الملكتان ماري وكاترين، ووراءهما شقيقا الملك ، وآل بوربون ولورين، والدوق دي جيز وأخوه وغيرهم ممن يضيق المقام عن إيراد أسمائهم. فتكلم الملك قائلا: لقد جمعناكم أيها السادة للمفاوضة في شئون مملكتنا، ونروم أن يتكلم كل منكم بنزاهة ضمير، وقد تلقينا ملتمسا من المسيو دي شاتيليون سوف تسمعون نصه.
ثم التفت الملك إلى الأميرال دي شاتيليون، وقال: تكلم.
فنظر الدوق دي جيز وأخوه الكردينال كل منهما إلى الآخر؛ لأنهما كانا ينتظران أن يكونا البادئين بالتكلم في ذلك المحفل، ونظر الكردينال إلى وجه كاترين ليطالع فيه ما يخامر نفسها، فرآها تبتسم كأنها غير مكترثة لما أمامها، وأما الملكة ماري فظنت أن ذلك المجلس السياسي تطول مدة انعقاده، وأن ما يقال فيه ممل فكان السأم ظاهرا على ملامحها.
ووقف الأميرال دي شاتيليون، وهو من أنصار المذهب الكاثوليكي، فقال: إن أصل الاضطرابات ناجم عن التعصب والاضطهاد الديني، وأن المضطهدين (بفتح الهاء) سلموه ملتمسا لجلالة الملك ليس عليه توقيع، ولكن خمسين ألف نورماندي قد يوقعون عليه عند الحاجة، ومؤداه وجوب اجتناب الوشايات التي يرمى بها أبناء المذهب البروتستانتي. فهو يطلب إلى الملك والمجلس أن يختصوهم بمواضع وهياكل يمكن فيها إلقاء الوعظ علنا، ومباشرة الشئون المتعلقة بمذهبهم وعبادتهم.
ثم نهض آخر فشبه الدولة بعليل لا يمكن شفاؤه إلا بتشخيص علته، فنهض الدوق، فقال: إنه مستعد لتقديم حساب عن إدارة الحربية والجيش، وقال الكردينال: إنه يؤدي حسابا عن المالية؛ لأنه ناظرها، وأعلن أن النفقات تزيد مليونين وخمسمائة ألف ليرة عن إيرادات البلاد. ثم تكلم كثيرون، وتفرقوا وفي يد كل منهم مذكرة للمواد التي يشاور فيها الملك، وكان موعد انعقاد المجلس الثاني في اليوم الثالث والعشرين من ذلك الشهر، وخرج الملك مع الملكتين، واستصحب المسيو مونمورانسي، وكان معنى ذلك، عند الدوق وأخيه، انحراف الملك عنهما وقرب زوال حظوتهما عنده. فقال الكردينال: إذا عرفنا كيف نتصرف كانت النتيجة حميدة لنا. فأجابه الدوق: لا جرم أن الضربة آتية من ناحية الملكة. قال الكردينال: بلا شك!
وفي ذلك المساء أقيمت حفلة راقصة، وكان الدوق يراقب فيها كاترين فرآها تجتنبه. فتمتم الكلام قائلا: حذار أيتها الملكة العظيمة، فإن عينيك تلمعان لمعانا كثيرا، فويل لك إذا جاء عشيقك الليلة فوقف تحت نافذتك!
ولما انتصف الليل أطفئت أنوار القصر، وسكنت حركة المدينة، إلا أن الأنوار لم تنطفئ في المدينة كلها، ولا سكنت الحركة في كل مكان، فقد رقد فرنسوا الثاني وزوجته رقاد عاشقين في أول عهد هواهما، ولكن الملكة الوالدة لم تنم، وكذلك الدوق وأخوه الكردينال، ونام زوج مرسلين، أما هي فلم تنم، بل كانت ساهرة إلى جانب نافذتها، والسماء صافية، والكواكب طالعة، والشذا يتضوع في الهواء، وقد هبت نسماته من ناحية الغابات، فحملت ما في أزهارها من طيب، والبلابل تغرد، ومرسلين معجبة بما في تلك الليلة من دواعي السرور، غير أنها آسفة على فراق حبيبها.
وفيما هي كذلك كان ترولوس وجاليو يسترقان الخطى في طريقهما إلى القصر. الأول: يأمل أن تطل حبيبته الملكة من نافذتها، والثاني: يرجو أن يرى مرسلين، ويقول في نفسه: سوف أتغنى تحت نوافذ القصر فتعرف صوتي. فلما صارا إلى المكان المقصود جعلا يتمشيان تحت النوافذ التي ظلت مقفلة حتى تولاهما الضجر. فقال ترولوس: لقد ذهب سعينا ضياعا!
قال جاليو: ما رأيك فيما إذا دعوناها؟ فقال ترولوس: ويك! هل جننت؟ فأجابه: كلا يا عزيزي، غير أن النساء ما برحن يعشقن الغناء، وصوتي رنان رخيم، وقد تلقيت الفن عن أستاذي الخبير، فدعني أقلد البلابل أو أسكتها، ولئن سمعتني مرسلين فسوف ترى عجبا. سوف تفتح النافذة، ثم تظهر الملكة وتطرح إليك سلما من حبال فتتسلق عليه، وأما أنا فأمضي طروبا راضيا بفوزك.
وأحس ترولوس بخطى قريبة، فقال: يوجد هنا من يرصدنا. فأجابه جاليو: لا!
Bilinmeyen sayfa