Taassup Şehitleri
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Türler
وخرج ووالدته كاترين تسنده.
وبعد بضع ساعات كان البلاط يسير إلى شنونسو، وحملوا الملك على محفة، وقد أصابته حمى شديدة، وقال الطبيب فرنل: إن الخطر ينذر حياته إذا بقي في أمبواز.
وتبع آل جيز الملك وهم حانقون؛ لأن سفره حبط تدابيرهم. وأخبر أمير كوندة بما جرى، وكان قد خرج راكبا جواده، فقال إنه لا يرجع إلا في المساء؛ وذلك لأن سفره أعاد إليه حريته، وعرف الأخوان أن الأمير لم يتردد طويلا فيما عزم عليه، وأنه إما أن يكون قد سافر إلى باريس، أو إلى النافار، وكان في هذه المملكة أخوه أنطوان دي بوربون ذو الشأن والسلطة والأميرة دي كوندة، وإنه متى ابتعد عن البلاط أمكنه أن يهيئ فتنة جديدة، ويجمع جنودا. فلما وصل الدوق دي جيز والكردينال إلى شنونسو أرسلا إلى أمير كوندة رجلا اسمه دي جنليس لكي يكون جاسوسا عليه، فلم يرض كوندة أن يقابله إلا في اليوم التالي، فقال له جنليس: لم أشأ يا مولاي رجوعا إلى البلاط قبل أن أعلم إذا كان لديك ما تقوله لجلالة الملك.
فأجابه: لا شيء عندي سوى أنني ألحق بالملك عند تمكني من ذلك، وإذا رام الاطلاع على خبري، فقل له: إنني خادمه المطيع الخاضع ونسيبه الودود، وإنني برغم التهم التي رميت بها عنده سوف يرى مني إخلاصا دائما، إلا إذا أكرهني على اعتناق غير مذهبي، فأنا لا أسمع قداسا، وأحتج على الإكراه في الدين. - هذه أنباء سيئة ليتك تعهد بها إلى غيري. - حبا وكرامة يا مسيو جنليس، ولئن لم تبلغ رسالتي فأنا سأبلغها بنفسي، وآمل أن ألقى أخي ملك النافار، ولست ألقاه إلا بعد الاستئذان من ملك فرنسا.
وبعد رحيل جنليس، نادى أمير كوندة جاليو فقال له: إن الوقت لا يتسع للحديث، وقد فهمت كنه ما ينويه ابن عمي دي جيز. فهو يروم أن يقتادني إلى باريس، وهو فيها السيد المطلق والآمر المطاع، أو إلى مجلس النواب، وله فيه الكلمة العليا، وقد خسر ابن عمي المعركة الأولى منذ يومين، فخير لي أن أتمهل لأتمتع بفشله وانتصاري. فهل تود يا جاليو أن تقابل برداليان مرة ثانية؟
أجاب: لا يلذ لي شيء مثل أن أتحفه بضربة ثانية من سيفي لعله يتأدب معي. - إياك والمبارزة في هذا الوقت، وإنما يجب أن تعلن على رءوس الأشهاد أنك راحل إلى باريس لتلتحق بالبلاط، ثم تسبقني يوما واحدا. - وبعد اليوم الواحد؟ - متى انقضى النهار ولم تجدني أتيت تظهر الدهش والتعجب، فيسألونك عني، فتمازح برداليان حتى يلوح لك أن دائرة المزاح قد ضاقت، فتسافر لاحقا بي إلى غسقونيا.
ولقد أنجز جاليو الأمر فوصل إلى شنونسو، وكان الملك قد عزم على الوقوف فيها أياما قبل الاستمرار إلى باريس. فظل جاليو ثلاثة أيام يجاوب رجال البلاط عن مولاه أمير كوندة، ولما رأى أن المستفهمين قد قل وثوقهم بكلامه عزم على السفر. إلا أن مرسلين وعدته بليلة في حديقة شنونسو، فسار إلى الموعد ولقي حبيبته في خميلة ملتفة، وهي ترتعد فرحا وخوفا، إلا أن سرورهما باللقاء لم تطل مدته؛ لأن حملة البنادق أحاطوا بالخميلة من كل جهة، وكان فيهم الدوق دي جيز وغيره من رجال الدوق. فقال الدوق: هل تحققت يا برداليان من دخوله هذه الخميلة الكثيفة؟ فأجابه: نعم.
قال الدوق: سدوا المنافذ! وهل عرفت السيدة التي سبقته إلى هنا؟ - كلا، فإنها كانت مبرقعة. - لا جرم أنها صاحبته التي اجتمع بها في الفندق. إذن فنحن نكرههما على أن يسلمانا رسالة كاترين المكتوبة إلى أمير كوندة، فإني على يقين من أن الملكة الوالدة تراسل الأمير، وأن جاليو هو الرسول.
ثم رفع الدوق صوته، وقال: اقبضوا على الاثنين!
وسمع جاليو هذه الكلمات، فقال في نفسه: هيهات، يا مرسلين تنبهي جيدا إلى ما يجري. متى سمعتني أصرخ «إلي أيها البواسل» اهربي إلى ناحية القصر؛ لأن الطريق تكون وقتئذ خالية لك.
Bilinmeyen sayfa