Taassup Şehitleri
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Türler
ولقد رافق جاليو موكب الدوق، ولم يتمكن في أثناء ذلك الوقوف من مراقبة مرسلين؛ لأنها دخلت قصر والدة الدوق. فتجول في المدينة، وكان عارفا أن أكثر سكانها من البروتستانتيين، وأخذ يفكر في تقرير يكتبه إلى أمير كوندة عما رأى وسمع، وفيما هو كذلك أبصر جمهورا غفيرا ذاهبا لسماع الوعظ، وكان البروتستانتيون يجتمعون في مكدس من مكادس القمح، ويسمعون الوعظ هناك؛ إذ لم تكن لهم معابد يعظون فيها. فقال جاليو في نفسه : لا شك أنهم يمتدحون أمير كوندة، وهذا أمر يعزيني شيئا عن لقاء مرسلين.
وبدأ البروتستانتيون وكان عددهم ينيف على ألف ومائتي رجل في الترنم بأناشيدهم، وإذا بباب المكدس يقرع، وقائل يقول: افتحوا فإننا نروم سماع الوعظ.
ففتح الباب من كانوا على مقربة منه. ثم تقهقروا مذعورين إذ رأوا جماعات من الأشراف لم يشكوا في أنهم من حاشية الدوق دي جيز. فقال البروتستانتيون لهم: ما حاجتكم؟ قالوا: لا حاجة لنا إلا سماع الوعظ كما أنبأناكم.
وحاول بعضهم الدخول ومزاحمة الحضور، فأدرك البروتستانتيون أن أولئك الأشراف إنما جاءوا ليهزءوا بهم، فأطبقوا الباب وصاح أحدهم متألما يقول: ويل لكم فقد سحقتم قدمي، وكان المتكلم ملازما من ضباط الدوق دي جيز، وقد حشر مصراع الباب قدمه، ففتحه البروتستانتيون مرة ثانية؛ ليتمكن من تخليص قدمه، فبادرهم الكاثوليكيون بالسباب والشتم.
وإذ ذاك وصل ضابط من ضباط الدوق يقول: حسبكم يا قوم! إن الدوق يطلب منكم أن تسكتوا؛ لأن أناشيدكم تمنعه من تناول عشائه، فأجلوا صلاتكم إلى وقت آخر إن شئتم!
فهاجت هذه الكلمات حنق البروتستانتيين، وصاحوا قائلين: ألا لعنة الله على الدوق وأسرته إنهم لملحدون!
وقلق جاليو وأحس بأنه ارتكب خطأ في دخوله بين القوم، فتزمل (تلفف) بردائه، وأخذ يتخطى الرقاب إلى ناحية الباب وهو يقول في نفسه: سوف أعلن للقوم أنني كاثوليكي المذهب فأتمكن من الانصراف، وويل لمن يمنعني من المرور!
ومد يده إلى قبضة سيفه وقد وصل إلى الباب، فما لبث أن رأى رجلا طويل القامة قد وقف أمامه، فتفرس في وجهه، فعرف أنه الدوق دي جيز جاء بنفسه، وقبل أن يحتجب عنه جاليو كان الدوق قد رآه فصاح: هذا وصيف أمير كوندة إذن هي ثورة مدبرة!
على أنه لم يصدر أمرا، وفي أثناء وقوفه أصابه حجر من داخل المكدس في خده فجرح جرحا خفيفا، فسال دمه غزيرا، فقال: هذا لا يطاق. ألا هجوما على أولئك الملحدين، اقتلوهم يا أصدقائي، ولا ترحموهم!
وكان البروتستانتيون وقتئذ دون سلاح، ولا يكادون يقدرون على جمع الحجارة للدفاع عن أنفسهم، وتواثب رجال الدوق إلى المكدس فقتلوا كل من عجز عن الفرار، وسكر جاليو برائحة البارود ومنظر السيوف، ومع أنه لم يكن بروتستانتيا، لكنه كان عدو الدوق دي جيز؛ لأنه وصيف أمير كوندة، وكان الدوق يتقدم ليلحق به وهو في مقدمة بعض الرجال، وقال له: أظننا قابضين عليك في هذه المرة، فلا تنجو منا.
Bilinmeyen sayfa