بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر يا كريم
الحمد الله رب العالمين . وصلى الله ه على سيدنا محمد خاتم الانبياء - والمرسلين وعلى آله وأصحابه التابعين وبعد فقد برز الامر المطاع ، زاده الله علوا وتمكينا بتحرير نبذه لطيفه في أمور النقود الاسلامية . فبادرت ألى امتثال ما أخرج الامر العالى أعلاه الله به من ذلك والله أسال التوفيق بمنة .
فصل فى النقود القديمة ذكر ابو عبيد عن كعب ان أول من ضرب الدينار والدرهم آدم عليها السلام وقال انها لمعيشة العيشة الناس وأعلم أن النقود التى كانت للناس على وجه الدهر على نوعين السودا الوافية والطبرية العتق وهى غالب ما كان البشر يتعاملون به . وكان لهم أيضار دراهم .
تسمى جورافيه ، وكانت نقود العرب فى الجاهلية التى تدور عليها الذهب والفضة لا غير. ترد اليها من الممالك ودنانير الذهب قيصرية من قبل الروم ودراهم فضة على نوعين سودا وافيه وطبريه عتقا فالوافيه وهى البغليه هى دراهم فارس الدرهم وزنه ، زنة المثقال الذهب والدراهم الجواز تنقص في العشرة ثلاثة . فكل سبعة باليغلية عشرة بالجواز وكان وزن الدراهم والدنانير في الجاهلية ، مثل وزنها في الاسلام مرتين ويسمى المثقال من الفضة درهما والمثقال من الذهب دينارا . ولم يكن شىء من ذلك يتعامل به أهل مكة في الجاهلية .
وانما كان يتعامل بالمثاقيل وزن الدراهم وزن الدنانير وكانوا
Sayfa 11
يتبايعون بأوزان اصطلحوا عليها فيما بينهم وهى الرطل الذى هو أئنا عشر أوقيه . والاوقيه وهى أربعون درهما . فيكون الرطل ثمانين وأربعمائة درهم . والنش وهو نصف الاوقيه ، حولت صاده شيئا فقيل نش. وهو عشرون درهما . والنواه وهى خمسة دراهم والدرهم الطبرى ثمانية دوانيق والدرهم البغلى أربعة دوانيق وقبل العكس ، والدرهم الجوارافى أربعة دوانيق ونصف والدانق ثمانى حبات وخمسا حبه من حبات الشعير المتوسط التى لم تقشر ، وقطع من طرفيها ما امتد وكان الدينار يسمى لوزنه دينارا وانما هو تبر . ويسمى الدرهم لوزنه درهما ، وانما هو تبر. وكانت زنة كل عشرة دراهم ستة مثاقيل والمثقال زنة اثنين وعشرين قيراطا الا حبه . وهو أيضا بزنة ثنتى وسبعين حبة شعير مما تقدم ذكره وقيل المثقال منذ وضع ، لم يختلف في جاهلية ولا اسلام " ويقال ، ان الذى اخترع الوزن فى الدهر الاول بدأ بوضع المثقال أولا . فجعله ستي حبة زنة الحبه مائة من حب الخردل البرى المعتدل ثم ضرب صنجه بزنة المائة الحبة الخردل ، وجعل بوزنها مع المائة الحبه صنجة ثانية ثم صنجة ثالثة حتى بلغ مجموع الصنج خمس صنجات فكانت صنجة نصف سدس مثقال ثم أضعف وزنها حتى صارت صنجة ثلث مثقال ، فركب فيها نصف مثقال ، ثم مثقالا وخمسة وعشرة وفوق ذلك فعلى هذا تكون زنة المثقال الواحد ستة الالف حبه ولما بعث الله نبينا محمدا صلى الله ه عليه وسلم أقر أهل مكه على ذلك كله وقال الميزان ة ميزان أهل مكه وفي رواية ميزان المدينة وقد ذكرت طرق هذا الحديث والكلام عليها فى مجاميعى وفرض رسول الله صلى الله ه عليه وسلم ، زكاة الاموال على ذلك . فجعل في كل
Sayfa 12
خمس أواقى من الفضة الخالصة التى لم تغش خمسة دراهم وهى النواه وفرض في كل عشرين دينارا نصف دينار كما هو معروف في مظنته من كتب الحديث والفقه والله أعلم فصل في ذكر النقود الاسلامية قد تقدم ما فرضه رسول الله ، صلى الله ه عليه وسلم , في نقود الجاهلية من الزكاة وانه أقر النقود فى الاسلام على ما كانت عليه . فلما استخلف أبو بكر الصديق ، رضى الله عنه ، عمل فى ذلك بسنة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم « ولم يفير منها شيئا حتى اذا استخلف امير المؤمنين ، أبو حفص عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه وفتح الله على يديه مصر والشام والعراق لم يعرض لشىء من النقود بل اقرها على حالها فلما كانت سنة ثمان عشرة من الهجرة ، وهى السنة الثامنة من خلافته اتته الوفود منهم وفد البصره ، وفيهم الاحنف ابن قيس فكلم عمر بن الخطاب ، رضى الله عنه في مصالح أهل البصره . فبعث معقل بن يسار فاحتفر نهر معتقل الذى قيل فيه إذا جاء نهر الله ، بطل نهر معقل ووضع الجريب والدرهمين في الشهر وضرب حينئذ عمر رضى الله عنه الدراهم على نقش الكسرويه وشكلها بأعياهنا غير انه زاد فى بعضها الحمد لله وفي بعضها محمد رسول الله ، وفى بعضها لا اله الا الله وحده وعلى آخر عمر. وجعل وزن كل عشرة دراهم ، سنة مثاقيل.
فلما بويع أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضى الله عنه ، في خلافته دراهم ، و نقشها الله أكبر
فلما اجتمع الامر لمعاويه بن أبى سفيان رضى الله عنه وجمع لزياد بن ابيه ، والكوفة والبصرة قال يا امير المؤمنين ، ان العبد الصالح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه صفر الدرهم وكبر القفير وصارت تؤخد عليه ضريبة أرزاق الجند ، وترزق عليه الذرية طلبا الى الرعية
Sayfa 13
فلو جعلت أنت ، عيارا دون ذلك العيار ازدادت, الرعية به مرفقا ومضت لك به السنة الصالحة . فضرب معاوية رضى الله عنه ، عند ذلك , السود الناقصة ، من سنة دوانيق فيكون خمسة عشر دوانيق قيراطا ، تنقص حبه أو حبتين . وضرب منهم زياد وجعل وزن كل عشرة دراهم ، سبعة مثاقيل ، وكتب عليها فكانت تجرى مجرى الدراهم . وضرب معاوية أيضا ، دنانير عليها تمثاله ، متقلدا سيفا فوقع منها دينار ردىء فى يد شيخ من الجند فجاء به معاويه ورماه به وقال يا معاويه انا وجدنا ضربك شر ضرب . فقال له معاوية لاحرمنك عطاءك ولا كسوتك القطيفة فلما قام أمير المؤمنين ، عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما بمكة ضرب دراهم مدوره . فكان اول من غرب الدراهم المستديرة . وانما كانت قبل ذلك ما ضرب منها ، فانه ممسوح غليظ قصير . فدورها عبد الله ، ونقش بأحد الوجهين محمد رسول الله وبالاخر آمر الله بالوفاء والعدل وضرب اخوه مصعب بن الزبير دراهم بالعراق وجعل كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل , واعطاها للناس في العطاء حتى قدم الحجاج بن يوسف العراق ، من قبل امير اللؤمنين ، عبد الملك ابن مروان . فقال ما ينبغى ان نترك من سنة الفاسق , أو قال المنافق شيئا فغيرها ثم لم استوثق الامر لعبد الملك بعد مقتل عبد الله ، ومصعب بنى الزبير فحص عن النقود والاوزان والمكاييل. وضرب الدنانير والدراهم في سنة ست وسبعين من الهجرة. فجعل وزن الدينار اثنين وعشرين قيراطا الا حبة بالقيام وجعل وزن الدراهم ، خمسة عشر قيراطا سواء . والقيراط أربع حبات . وكل دانق قيراطين ونصفا وكتب الى الحجاج وهو بالعراق ان اضربها قبلك فضربها وقدمت تلك الدراهم مدينة رسول الله صلى الله ه عليه وسلم وبها بقايا من الصحابة ، رضوان الله عليهم أجمعين فلم شك ينكروا
Sayfa 14
منها سوى نقشها فان فيه صورة وكان سعيد بن المسيب رحمه الله يبيع بها ويشترى ولا يعيب من أمرها شيئا . وجعل عبد الملك ، الذهب الذى ضربه دنانير على المثقال الشامى ، وهى الميالة الوازنة بزيادة المائة دينارين وكان سبب ضرب عبد الملك النناتري, والدراهم كذلك ان خالد بن يزيد بن معاوية بن ابى سفيان قال له يا امير المؤمنين ، ان العلماء من أهل الكتاب الاول ، يذكرون اهم يجدون فى كتبهم ع ان أطول الخلفاء عمرا من قدس الله تعالى فى الدرهم فعزم على ذلك . ووضع السكة الاسلامية . وقيل ان عبد الملك كتب في صدر كتابه الى ملك الروم قل هو الله أحد وذكر النبي صلى الله ه عليه وسلم مع ذكر التاريخ فأنكر ملك الروم ذلك وقال ان لم تتركوا هذاء والا ذكرنا نبيكم في دنانيرنا بما تكرهون . فعظم ذلك على عبد المك , واستشار الناس فأشار عليه خالد بن يزيد ، بضرب السكة , وترك دنانيرهم ففعل وكان الذى ضرب الدراهم رجل من يهود تيماء، يقال له سمير. فنسبت الدراهم اذ ذاك اليه . وقيل الدراهم السميرية .
وبعث عبد الملك بالسكة الى الحجاج ، فسيرها الحجاج الى الافاق ليضرب الدراهم بها . وتقدم الى الامصار كلها ، ان يكتب اليه منها فى كل شهر بما يجتمع قبلهم من المال كى يحصه عندهم . وان الدراهم فى الافاق على السكة الاسلامية ، وتجعل اليه أولا ، فأولا وقدر فى كل مائة درهم ، درهما عن ثمن الحطب وآجر الضراب ونقش على أحد وجهى الدرهم قل هو الله أحد وعلى الوجه الاخر لا اله الا الله وطوق الدرهم من وجهيه بطوق . وكتب فى الطوق الواحد ضرب هذا الدرهم بمدينة كذا . وفي الطوق الآخر ؟
محمد رسول الله . أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله
Sayfa 15
ولو كره المشركون وقيل أن الذى نقش فيها قل هو الله أحد الحجاج وكان الذى دعا عبد الملك الى ذلك انه نظر للأمة وقال هذه الدراهم السودا الوافيه والدراهم الطبرية القتق نبقى مع الدهر وقد جاء فى الزكاه , أن في كل مائتين , وفى كل خمس أواقى ، خمسة دراهم . واشفق أن جعلها كلها على مثال السودا العظام ، عددا ، .
يكون قد نقص من الزكاة وان عملها كلها على مثال الطبريه ، ويحمل المعنى على انها اذا بلغت مائتين عددا ، وجبت الزكاه فيها , كان فيه حيف وشطط على أرباب الاموال . فاتخذ منزلة ببني منزلتين يجتمع فيها كمال الزكاه من غير بخس ولا اضرار بالناس موافقه ماسنة رسول الله صلى الله ه عليه وسلم وحده من ذلك .
وكان الناس قبل عبد الملك ودون زكاة أموالهم شطرين من الكبار والصغار واف فلما اجتمعوا مع عبد الملك على ما عزم عليه ، عمد الى درهم واف . فوزنه , فاذا هو ثمانية دوانيق + والى الدرهم من الصغار فاذا هو أربعة دوانيق سواء فجمعهما معا وجعل زيادة الأكبر على نقص الاصغر وجعلها درهمين متساويين زنة كل منهما سنة دوانيق سواء واعتبر المثقال أيضا . فاذا هو لم يبرح فى اباد الدهور موفيا محدودا ، كل عشرة دراهم زنة كل درهم منها سنة دوانيق والى الدرهم من الصغار سبعة مثاقيل سواء ه فأقر ذلك وامضاه من غير ان يعرض لتغييره فكان فيما صنع عبد الملك في الدراهم ، ثلاث فضائل الاولى أن كل سبعة مثاقيل زنة عشرة دراهم الثانية ان عدل بني كبارها وصغارها ، حتى اعتدلت وصار الدرهم ستة دوانيق الثالثة: أنه موافق لما سنة رسول الله و صلى الله عليه وسلم في فريضة الزكاة بغير وكس ولا اشتطاط
Sayfa 16
فمضت بذلك السنة واجمعت عليه الامة وضبط هذا الدرهم الشرعى المجمع عليه انه كما مر زنة العشرة منه سبعة مثاقيل وزنة الدرهم الواحد خمسون حبة وخمسا حبة من الشعير الدى تقدم ذكره آنفا ومن هذه الدراهم تركب الرطل والقدح والصاع وما فوقه ولنلمع من ذلك ، بطرف مما ذكرته فى كتاب الواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار عند ذكر وزن العيار منه فأقول انما جعلت العشرة من الدراهم الفضة بوزن سبعة مثاقيل من الذهب لان الذهب اوزن من الفضة ، وأثقل وزنا . فأخذت حبة فضة ، وحبة ذهب ووزنتا فرجحت حبة الذهب على حبة الفضة ثلاثة اسباع فجعل من أجل ذلك ، كل عشرة دراهم ، زنة سبعة مثاقيل .
فان ثلاثة الاسباع الدرهم اذا أضيف عليه ، بلغت مثقالا ، والمثقال اذا نقص منه ثلاثة اعشار بقى درهم وكل عشرة مثاقيل تزن أربعة عشر درهما وسبعا درهم . فلما ركب الرطل جعل الدرهم من ستين حبة لكنه ، كل عشرة دراهم تعدل زنة سبعة مثاقيل . فيكون 6 زنة الحبة سبعين حبة من حب الخردل . ومن ذلك تركب الدرهم .
ومن الدرهم تركب الرطل ، ومن الرطل يتركب المد، ومن المد يتركب الصاع وما فوقه . وفي ذلك طرق حسابية مبرهنة بأشكال هندسية ليس هذا موضع ايرادها .
وكان مما ضرب الحجاج الدراهم البيض ونقش عليها قل هو الله أحد فقال القراء قاتل الله الحجاج أى شيء صنع للناس ؟ الان يأخذها الجنب والحائض وكانت الدراهم قبل ذلك منقوشة بالفارسية فكره أناس من القراء مسها وهم على غير طهارة وقيل لا المكروهة فعرفت بذلك ووقع في المدونة ، ان مالكا رحمه الله تعالى سئل عن تغري كتابة الدنانير والدراهم , ما فيها من كتاب
Sayfa 17
الله عز وجل فقال أول ماضربت على عهد عبد الملك بن مروان والناس متوافرون ، فيما انكر احد ذلك . وما رأيت أهل العلم أنكروه .
ولقد بلغنى أن ابن سريين كان يكره أن يبيع بها ويشترى . وما زال من أمر الناس ولم أر أحدا منع ذلك ههنا يعنى رحمه الله المدينة النبوية . وقيل لأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، هذه الدراهم البيض فيها كتاب الله تعالى , يقلبها اليهودى والنصرانى والجنب والحائض فإن رأيت ان تأمر بمحوها فقال اردت ان تحتج علينا الامم ان غيرنا توحيد ربنا واسم نبينا صلى الله عليه وسلم ومات عبد الملك والامر على ما تقدم . فلم يزل من بعده فى خلافة الوليد ثم سليمان بن عبد الملك , ثم عمر بن عبد العزيز الى ان استخلف يزيد بن عبد الملك فضرب الهبيريه بالعراق عمر بن هبيرة على عيار ستة دوانيق
فلما قام هشام بن عبد االملك وكان جموعا للمال أمر خالد بن عبد الله القسرى او في سنة ست ومائة من الهجرة ان يعيد العيار الى وزن وأن بطل السكك من كل بلد إلا واسط فضرب الدراهم بواسط وحدها ، حتى قتل فقط. وكبر السكة فضربت الدراهم على السكة الخالدية، حتى عزل خالد في سنة عشرين ومائة وتولى من بعده يوسف بن عمر الثقفى فصغر السكة وأجراها على وزن سبعة وضربها بواسط وحدها ، حتى قتل الوليد بن اليزيد في سنة ست وعشرين ومائة . فلما استخلف مروان بن محمد الجعدى آخر خلايف بنى آمية ، ضرب الدراهم بالجزيرة على السكة بحران ، الى ان قتل وأتت دولة بنى العباس ، فضرب امير المؤمنين عبد الله بن محمد السفاح الدراهم بالانبار وعملها على نقش الدنانير ، وكتب عليها السكة العباسية . وقطع منها ونقصها حبة ، ثم نقصها حبتين. فلما قام بعده ، أبو جعفر المنصور نقصها ثلاث حبات وسميت تلك الدراهم
Sayfa 18
ثلاثة أرباع قيراط الان القيراط اربع حبات فكانت الدراهم كذلك .
وحدها الهاشمية على المثقال البصرى . فكان يقطع على المثاقيل الميالة الوازنة التامة فاقامت الهاشمية على المثاقيل والعتق على نقصان ثلاثة أرباع قيراط مدة أيام ابى جعفر المنصور والى سنة ثمان وخمسين ومائة . فضرب المهدى محمد بن جعفر فيها سكة مدورة فيها نقطة ولم يكن لموسى الهادى بن محمد الهدى . سكة تعرف وتمادى الامر على ذلك الى شهر رجب من سنة ثمان وسبعين ومائة ، فصار نقصانها قيراطا غرب ربع حبه فلما صير امير المؤمنين ، هرون الرشيد السكك الى جعفر بن يحيى البرمكى كتب أسمه بمدينة السلام وبالمحمدية من الرى على الدنانير والدراهم . وصير نقصان الدرهم قيراطا الا حبه وضرب المأمون دنانير ودراهم واسقط منها اسم أخيه محمد الأمين فلم تجز مده وسميت الرباعيات . وكان ضربه لذلك وهو بمرو ، قبل قتل أخيه .
وهرون الرشيد أول خليفة ترفع عن مباشرة العيار بنفسه وكان الخلفاء من قبل يتولون النظر فى عيار الدرهم والدنانير بأنفسهم . وكان هذا مما نوه باسم جعفر بن يحيى ، اذا هو شىء لم يتشرف به أحد قبله. واستمر الامر كما ذكر . الى شهر رمضان سنة اربع وثمانين ومائه فصار النقص اربع قراريط وحبه ، ونصف حبه وصارت لا تجوز الا في المجموعة أو بما فيها ثم بطلت فلما قتل هرون الرشيد صير السكك الى السندى فضرب الدراهم على مقدار الدنانير وكان سبيل الدنانير في جميع ما تقدم ذكره سبيل الدراهم وكان خلاص السندى جيدا أشد الناس خلاصا للذهب والفضة .
فلما كان شهر رجب سنة أحدى وتسعين ومائة نقصت الدنانير الهاشمية نصف حبه ومازال المر فى ذلك كله عصرا تجوز جواز المثاقيل ثم ردت الى وزنها . حتى كانت ايام الأمين محمد بن هرون
Sayfa 19
الرشيد فصير دور الضرب إلى العباس بن الفضل بن الربيع. فنقش بالسكة بأعلى السطور ربى الله من أسفلها العباس بن الفضل قلما عهد الأمين الئ ابنه موسى ولقبه الناطق بالحق ، المظفر بالله .
ضرب الدنانير والدراهم باسمه وجعل زنة كل واحد عشرة . ونقش عليه كل عز ومفخر لموسى المظفر ملك خص ذكره فى الكتاب المسطر
فلما قتل الأمين واجتمع الامر لعبد الله المأمون لم جد أحدا ينقش الدراهم فنقشت بالمخراط كما تنقش الخواتيم . وما يرحت النقود على ما ذكر أيام المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل فلما قتل المتوكل.
وتغلبت المولاى من الاتراك وتناثر سلك الخلافه وتفننت الدولة العاسية فى الترف وقوى عامل كل جهة على ما يليه وكثرت النفقات وقلت المجابى ، يتغلب الولاه. على الاطراف حدثت بدع كثيره من حينئذ ومن جملتها غش الدراهم . ويقال ان أول من غش الدراهم وضربها زيوفا ، عبيد الله بن زياد ، حين فر من البصره ، فى سنة اربع وستين من الهجرة . ثم فشت فى الامصار أيام دولة العجم من بنى بويه ، وبنى سلجوق والله تعالى أعلى .
فصل فى نفود مصر أما مصر من بني الامصار . فما برح نقدها المنسوب اليه قيم الاعمال , واثمان المبيعات الذهب فقط . فى سائر دولها جاهلية واسلاما شهد لذلك بالصحة ، آن خراج مصر في قديم الدهر وحديثه وانما هو الذهب ، كما قد ذكرته فى كتاب الواعظ والاعتبار بذكر الخطط والاثار . فانى أوردت فيه مبلغ خراج مصر منذ مصرت بعد الطوفان ، والى زماننا هذا.
وكفى من الدلالة على صحة ذلك ما رويناه من طريق مسلم وأبى داود رحمهما الله ، من حديث أبى هريره ، رضى الله عنه ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم منعت العراق درهمها وفقيزها
Sayfa 20
ومنعت الشام مديها ودينارها، ومنعت مصر اردبها ودينارها الحديث . فذكر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم كل بلد وما تختص به من كيل ونقد واشار الى أن نقد مصر الذهب وكان في هذا الحديث ما يشهد بصحة فعل عمر بن الخطاب رضى الله عنه .
فانه لما افتتح العراق فى سنة ست عشرة من الهجرة ، بعث عثمان بن حنيف ، رضى الله عنه ، ففرض على ارض السواد على كل جريب من الكرم عشرة دراهم وعلى جريب النخل ثمانية دراهم وعلى جريب القصب والشجر ستة دراهم وعلى جريب اربعة دراهم وعلى جريب الشعير درهمين وكتب بذلك الى عمر رضى الله عنه فارتضاه ولما فتحت مصر في سنة عشرين على القول الراجح فرض عمرو بن العاص رضى الله عنه ، على جميع من بها من القبط البالعين من الرجال دون النساء والصبيان والشيوخ دينارين ,على كل رأس فجبيت أول عام اثنا عشر الف دينار وقد روى أنها جبيت سنة عشر الف الف دينار . وهما روايتان معروفتان . فأقر ذلك عمر بن الخطاب رضى الله عنه ومن أمعن النظر فى أخبار مصر يعرف أن نقدها واثمان مبيعاتها وقيم أعمالها لم يزل بالذهب فقط الى أن ضعفت مملكتها ، باستيلاء الغز عليها . فحدث حينئذ ، اسم الدراهم وسآبين فيما يأتى طرفا من ذلك .
ومع هذا فان مصر لم تزل منذ فتحت دار اماره وسكتها انما هى سكة الخلافة من بني أميه ثم بنى العباس . الا أن الامير أبا العباس أحمد بن طولون ، رحمه الله ، ضرب بمصر دنانير عرفت بالاحمدية وكان سبب ضربها أنه ركب يوما الى الاهرام فأتاه الحجاب يقوم عليهم ثياب صوف ، ومعهم المساحى والمعاول .
فسالهم عما يعملون فقالوا نحن قوم تتبيع المطالب فقال لهم لا تخرجوا بعد هذا الل بمنشور ، ورجل من قبلى وسألهم عما وقع اليهم من الصفات . فذكروا له أن ى سمت الاهرام مطلبا
Sayfa 21
قد عجزوا عنه ألنسم يحتاجون فى اثارته الى جمع كبير وتفقات واسعة فأمر بعض أصحابه أن يكون معهم وتقدم الى عالم معونة الجيزة في دفع جميع ما يحتاجون اليه من الرجال والنفقات وانصرف فأقام القوم عدة يعملون حتى ظهرت لهم العلامات فركب أحمد بن طولون حتى وقف على الموضع وهم يحفرون فجدوا فى الحفر ، وكشفوا عن حوض مملوء دنانير وعلية غطاء مكتوب عليه بالبيزنطية فأحضر من قرأة فقال تفسير ذلك , آن فلان بن فلان الملك الذى ميز الذهب من غشه ودلسة . فمن أراد أن يعلم فضل ملكى على ملكه فلينظر الى فضل عيار ينارى على عيار ديناره . فان مخلص الذهب من الغش مخلص فى حياته وبعد وفاته مي ، فقال أحمد بن طولون الحمد الله ، ما نبهتنى عليه هذه الكتابة أحب الى من المال ثم أمر لكل رجل كان بعمل بمائتى دينار منه وتقدم بأن يوفي الضناع أجرهم . ووهب لكل منهم ، خمسة دنانير واطلق للرجل الذى أقام معهم من اصحابه ثلاثمائة دينارا وقال لغلامه نسيم: خذ لنفسك منه ما شئت فقال: ما أمرنى به مولاى أخذته فقال خذ ملو كفيك جميعا منه، وخذ من بيت المال، مثل ذلك مرتين . فانى أشح على هذا المال. فبسط نسيم كفيه، فحصل له ألف دينار. وحمل أحمد بن طولون ما بقى، فوجده أجود عيارا من عيار السندى بن شاهك، ومن عيار المعتصم فتشدد حينئذ أحمد بن طولون في العيار، حتى لحق ديناره بالعيار المعروف له، وهو الأحمدى الذى كان لا يطلى بأجود منه ولما دخل القائد أبو الحسين جوهر الكاتب الصقلى الى مصر بعساكر امير المؤمنين الامام المعز لدين الله أبى تميم معد ، فى سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة وبنى القاهرة المعزبة ، حيث كان مناخه الذى نزل به صارت مصر من يومئذ دار خلافه ، بعد ما كانت دار امارة وضرب جوهر القائد ، الدينار المعزى ونقش عليه بأحد
Sayfa 22
وجهيه ثلاثة أسطر أحدها دعاء الامام معك التوحيد الاحد الصمد وتحته سطر فيه المعز لدين الله أمير المؤمنين وتحته سطر فيه: ضرب هذا الدينار بمصر سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة. وفي الوجه الآخر: لا اله إلا الله محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون على أفضل الوصيين وزير خير المرسلين وكثر ضرب الدينار المعزى. حتى أن المعز. لما قدم الى مصر في سنة ثنتى وستين وثلاثمائة، ونزل بقصره من القاهرة، أقام يعقوب بن كلس وعسلوج بن الحسن ، لقبض الخراج ، فامتنعا أن يأخذا الا دينارا معزيا. فاتضع الدينار الراضى. وانحط ونقص من صرفه أكثر من ربع دينار . وكان صرف المعزى ، خمسة عشر درهما ونصف وفى أيام الأمام الحاكم أمر الله أمير المؤمنين أبى على المنصور بن العزيز تزايد آمر الدراهم ، في شهر, ربيع الاول سنة تسع وتسعين وثلاثمائه و فبلغت أربعا وثلاثين درهما بدينار ونزع السعر واضطربت أمور الناس فرفعت تلك الدراهم وأنزل من القصر بعشرين صندوقا فيها دراهم جدد فرقت في الصيارفة وقرئ سجل بمنع المعاملة بالدراهم الأولى وانظر من في يده منها شيء، ثلاثة أيام وان يورد جميع ما تحصل منها الى دار الضرب. فاضطرب الناس وبلغت أربعة دراهم، بدرهم جديد وتقرر أمر الدراهم الجدد على ثمانية عشر درهما، بدينار فلما زالت الدولة الفاطمية، بدخول العز من الشام الى مصر على يد السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، في سنة سبع وستين وخمسمائة. قررت السكة بالقاهرة باسم أمير المؤمنين المستضيئ بأمر الله وباسم السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكى، صاحب بلاد الشام. فنقش اسم كل منهما في وجه
Sayfa 23
وفيها عمت بلوى الضائقة بأهل مصر لان الذهب والفضة خرجا منها ، وما رجعا وعدما فلم يوجدا ولهج الناس بما عمهم من ذلك وصاروا اذا قيل دينار أحمر ، فكأنما ذكرت حرمة الغيور له .
وان حصل في يده ، فكأنما جاءت بشارة الجنة له ومقدار ما يحدس أنه خرج من القصر ، ما بين دينار ودرهم ومصاغ وجوهر ونحاس وملبوس وأثاث وقماش وسلاح ما لا يفى به ملك الاكاسره ولا تتصوره الخواطر ، ولا تشتمل على نيله الممالك ولا يقدر على حسابه الا من يقدر على حساب الخلق فى الاخره نقلت هذا بنصه ، من خط القاضى الفاضل عبد الرحيم رحمه الله .
ثم لما استبد صلاح الدين بعد موت الملك العادل نور الدين أمر فى شوال سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة , بأن تبطل نقود مصر وضرب الدينار ذهبا مصريا ، وابطل الدرهم الاسود وضرب الدراهم الناصرية وجعلها من فضة خالصة ، ومن نحاس نصفين بالسواء فاستمر ذلك بمصر والضام الى أن أبطل الملك الكامل ناصر الدين محمد بن العادل أبى بكر محمد بن أيوب ، الدرهم الناصرى . وأمر فى ذى القعدة من سنة اثنتى وعشرين وستمائة. بضرب دراهم مستديره وتقدم أن لا يتعامل الناس بالدراهم المصرية العتق .
وهى التى تعرف فى مصر والاسكندرية بالورق وجعل الدرهم الكاملى ثلاثة اثلاث . ثلثيه من فضة خالصة ، وثلثه من نحاس .
فاستمر ذلك بمصر والشام مدة أيام ملوك بنى أيوب .
فلما انقرضوا ، وقامت مماليكهم الاتراك من بعد ابقوا سائر شعارهم واقتدوا بهم في جميع احوالهم . واقروا نقدهم على حاله من أجل أنهم كانوا يفخرون بالانتماء اليهم حتى أنى شاهدت المراسيم التىي كانت تصدر عن المك المنصور قلاوون وفيها بعد البسمله الملكى الصالحى وتحت ذلك بخطة قلاون
Sayfa 24
فلما ولى الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البند قدارى الصالحى النجمى وكان من أعظم ملوك الإسلام وممن يتعين على كل ملك معرفة سيرته ضرب دراهم ظاهرية وجعلها كل مائة درهم من سبعني درهما فضة خالصة، وثلثين نحاسا وجعل رنكه على الدرهم وهو صورة سبع فلم تزل الدراهم الكاملية والظاهرية بديار مصر وبلاد الشام الى أن فسدت في سنة احدى وثمانين وسبعمائة بدخول الدراهم الحمويه فكثر تعنت الناس فيها وكان في امارة الملك الظاهر برقوق قبل سلطنته فلما تسلطن وأقام الأمير محمود بن على استادارا أكثر من ضرب الفلوس وابطل ضرب الدراهم فتناقصت حتى صارت عرضا ينادى عليه في الأسواق بحراج حراج وغلبت الفلوس ألى أن قدم الملك الؤيد شيخ عز نصره من دمشق في شهر رمضان سنة سبع عشرة وثمانمائة بعد قتل الأمير نوروز الحافظى نائب دمشق فوصل مع العسكر واتباعهم شيء كثير من الدراهم البندقية والدراهم النوروزيه فتعامل الناس به وحسن موقعها لبعد العهد بالدراهم فلما ضرب مولانا السلطان الملك الؤيد أبو النصر شيخ ، عز نصره الدراهم الؤيدية في شوال منها، ونودى في القاهرة، بالمعاملة بها في يوم السبت رابع عشرين صفر سنة ثمان عشرة وثمانمائة فتعامل الناس بها وقد قال مسدد حدثنا خالد بن عبد الله حدثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال قطع الدينار والدرهم من الفساد في الأرض - يعنى كسرهما وقد تقدم أن الدراهم التي عملها عبد الملك بن مروان ، كان فيها ثلاث فضائل وأنا أقول أن في ضرب مولانا السلطان الملك المؤيد الدراهم المؤيدية ست فضائل:
Sayfa 25
الاولى موافقة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فريضة الزكاه فانه عليه السلام انما فرضها في الفضة الخالصة، لا في المغشوشة الثانية اتباع سبيل المؤمنين وذلك أنه اقتدى ى عملها ، خالصة بالخلفاء الراشدين وقد تقدم بيان ذلك ، فلا حاجة الى اعادته الثالثة أنه لم يتبع سبيل المفسدين الذين نهى الله تعالى عن اتباعم بقو له عز وجل وأصلح ولا تتبع المفسدين و وبيان ذلك أن الدراهم م نغش ، الا عند تغلب المارقين ، الذين اتبعوا اهواء قوم قد ضلوا كما مر آنفا الرابعة أنه نكنب عن الشره في الدنيا وذلك أن الدراهم لم تغش لا للرغبة في الازدياد منها الخامسة أنه ازال الغش وكفى بقوله عليه السلام من غشنا ليس منا الحديث السادسة أنه فعل ما فيه نصح الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد علم من قوله عليه السلام الدين 1 للنصيحة الحديث ويمكن أن يتلمح لها فضائل آخر وأنه ليكثر تعجبى من كون هذه الدراهم المؤيدية ولها من الشرف والفضل ما ذكر ولمولانا السلطان من عظم القدر وفخامة الامر ما هو معروف ومع ذلك تكون مضافة ومنسوبه الى الفلوس التي لم يجعلها الله تعالى قط نقدا في قديم الدهر وحديثه الى أن راجت في أيام أقبح الملوك سيره وارداهم سريره الناصر فرج وقد علم كل من رزق فهما وعلما أنه حدث من رواجها خراب الإقليم وذهاب نعمة أهل مصر أن هذا في الحقيقة لعكس للحقائق. فان الفضة هي نقد شرعى لم تزل في العالم والفلوس انما هي اشبه شيء بلا شيء فيصير المضاف مضافا اليه.
Sayfa 26
اللهم الهم مولانا السلطان بحسن السفاره الكريمة ان يأنف من أن يكون نقده مضافا الى غيره . وان يجعل نقده ، تضاف اليه النقود ، كما جعل الله اسمه اشتري يضاف اليه اسم كل من رعيته ، بل كل ملك من مجاوردى ملكه والمر ى ذلك سهل ان شاء الله تعالى وذلك انه يبرز المرسوم الشريف لمولاينا ، قضاة القضاء اعز الله بهم الدين ، ان يلزموا شهود الحوانيت ، بأن ال بكتب سجل أرض وال اجارة دار < ولا صداق امرأة ، ولا مسطور بدين ويكون المبلغ من الدراهم المؤيديه ويبرز أيضا للناطر الحسبة الشريفة، أن يلزم الدلالين بسائر الأسواق، ان لا ينادوا على شيء من المبيعات سواء قل، أو جل ، الا بالدراهم المؤيدية.
ويبرز أيضا الى الدواوين السلطانية ودواوين الأمراء والأوقاف، أن لا يكتبوا في دفاتر حسباناتهم متحصلا ولا مصروفا الا من الدراهم المؤيدية. فتصير الدراهم المؤيدية ينسب اليها ويضاف لها ماعداها من النقود. كما جعل الله تعالى مولانا السلطان عز نصره يضاف اليه ويتشرف به كل من انتسب أو انتمى اليه والله الموفق قال أبو عبيد الفلس معروف والجمع افلس وفلوس وبايعه فلاس وافس الرجل صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم.
فصل وأما الفلوس، فانه لم تزل سنة الله في خلقه ، وعادته المستمرة منذ كانت الخليقة الى ان حدثت الحوادث والمحسن بمصر منذ سنة ست وثمانمائة في جهات الأرض كلها، عند كل امة من الأمم. كالفرس والروم وبنى إسرائيل واليونان والقبط النبط والتبابعه وأقيال اليمن والعرب العاربه والعرب المستعربه ثم في الدولة الإسلامية من حين
Sayfa 27
ظهورها، على اختلاف دولها التي قامت بدعوتها كبنى امية بالشام والاندلس وبنى العباس بالعراق والعلويين بطبرستات وبلاد المغرب وديار مصر والشام وبلاد الحجاز واليمن ودولة الديلم بنى بويه ودولة الترك بنى سلجوق ودولة الاكراد بمصر والشام. ودولة المغل المغل ببلاد المشرق، ودولة الاتراك بمصر والشام ودولة بنى مرين بالمغرب، ودولة بنى نصر بالاندلس، ودولة بنى أبى حفص بتونس ودولة بنى رسول باليمن، ودولة بنى فيروز شاه بالهند ودولة الحطى بالحبشة، ودولة تيمور لنك بسمرقند، ودولة بنى عثمان بالجانب الشمالى الشرقى، ان النقود التي تكون اثمانا للمبيعات وقيما للأعمال، انما هي الذهب والفضة فقط لا يعلم في خير صحيح ولا سقيم، عن امة من الأمم ولا طائفة من طوائف للبشر انهم اتخذوا ابدا في قديم الزمان ولا حديثه نقدا غيرهما. الا انه لما كانت في المبيعات محقرات تقل عن ان تباع بدرهم أو بجزء منه، احتاج الناس من أجل هذا في القديم والحديث من الزمان الى شيء سوى الذهب والفضة، ويكون بإزاء تلك المحقرات ولم يسم أبدا، ذلك الشيء الذى جعل للمحقرات نقدا البته فيما عرف من أخبار الخليقة ولا أقيم قط، بمنزلة احد النقدين واختلفت مذاهب البشر واراؤهم فيما يجعلونه بإزاء تلك المحقرات ولم يزل بمصر والشام وعراقى العرب والعجم وفارس والروم في أول الدهر وآخره ملوك هذه الأقاليم لعظمهم وشدة بأسهم ونعرة ملكهم وحنزوانة سلطانهم يجعلون بإزاء هذه المحقرات نحاسا يضربون منه اليسير قطعا صغارا تسمى فلوسا لشراء ذلك ولا يكاد يؤخذ منها الا اليسير ومع ذلك فانها لم تقم ابد في شيء من هذه الأقاليم بمنزله أحد النقدين قط وقد كانت للأمم في الإسلام وقبله أشياء يتعاملون بها بدل الفلوس كالبيض والخبز والورق ولحاء الشجر والودع الذي
Sayfa 28
يستخرج من البحر ، ويقال له الكوذه وغير ذلك . وقد استقصيت ذكره قى كتاب اغاثة الامة بكشف الغمه وكانت الفلوس لا يشترى بها أي شيء من الأمور الجليلة وانما هي لنفقات الدور ومن أمعن النظر فى أخبار الخليقة عرف ما كان الناس فيه بمصر والشام والعراق من رخاء الأسعار فيصرف الواحد العدد اليسير من الفلوس في كفاية يومه.
فلما كانت أيام محمود بن على ، استادار الملك الظاهر برقوق رحمه الله استكثر من الفلوس .. وصارت الفرنج تحمل النحاس الاحمر رغبة في فائدته واستمر الضرب فى الفلوس عدة أعوام والفرنج تأخذ ما بمصر من الدراهم الى بلادهم وأهل الله تسبكها لطلب الفائدة حتى عزت وكادت تنفد وراجت الفلوس رواجا عظيما حتى نسب اليها سائر المبيعات . وصار بقال كل دينار بكذا محن الفلوس وتالله أن هذا الشيء يستحى من ذكره لما فيه من عكس الحقائق الا ان الناس . لطول تمرنهم عليه ألفوه اذ هم أبناء العوايد والا فهو في غاية القبح .
والمرجو أن يزيل الله عن بلاد مصر ، هذا العار ، بحسن السفارة الكريمة . وأرجو ان شاء اهل تعالى ، ان يكون الامر فيه هينا وذلك أن ينظر الى النحاس الاحمر ، للغرض المجلوب من بلاد المرنج ، كم سعر القنطار منه ويضاف الى ثمن القنطار جملة ما يصرف عليه بدار الضرب الى أن يصير فلوسا فاذا أجمل ذلك عرف كم يصرف لكل دينار من الفلوس . واذا عرف كم كل دينار منها ، عرف بكم يصرف لكل درهم مؤيدى وفى هذا شىء شريف. وهو انه من استقرىء سير فضلاء الملوك ، فانه يجدهم يأنفون يبقى لغيرهم ذكر .
ويحرصون على تفردهم بالمجد . فاذا ضربت هذه الفلوس صار نقد الناس ما بين درهم مؤيدى وفلوس مؤيدية
Sayfa 29
وكفاك إشارة وتنبيها على شرف بقاء الذكر مدا الدهر قوله تعالى عن إبراهيم الخليل صلوات الله عليه واجعل لى لسان صدق في الآخرين وقوله تعالى في معرض الامتنان على نبينا محمد عليه السلام وانه لذكر لك ولقومك واستدل بهذه الآهية الكريمة على اختصاص قريش بالخلافة وقوله سبحانه وتعالى ورفعنا لك ذكرك وهذه رتبه، لا يرغب عنها إلا خسيس القدر وضيع النفس ومقام الملوك يجل عن أن يشاركهم أحد في رتبة عز أو منصب رفعه وانى لأرجو أن يصلح الله بحسن سفارتكم ما قد فسد ان شاء الله ولولا خوف الاطالة لذكرت ما كان من ضرب الملوك للفلوس وانما لم تزل بالعدد الى ان أمر الأمير يلبغا السالمى، رحمه الله أن تكون بالميزان وذلك في سنة ستة وثمانمائة وللبلاد قوانين وعوايد، متى اختلت فسد نظامها والله تعالى يديم بقائكم ويزيد ارتقاءكم بمنه وكرمه والحمد لله رب العالمين
Sayfa 30