فلو قال قائل: إن الحسين قتل بإجماع الناس، لأن الذين قاتلوه وقتلوه لم يدفعهم أحد عن ذلك، لم يكن كذبه بأظهر من كذب المدعي للإجماع على قتل عثمان، فإن الحسين رضي الله عنه لم يعظم إنكار الأمة لقتله، كما عظم إنكارهم لقتل عثمان، ولا انتصر له جيوش كالجيوش الذين انتصرت لعثمان، ولا انتقم أعوانه من أعدائه كما انتقم أعوان عثمان من أعدائه، ولا حصل بقتله من الفتنة والشر والفساد ما حصل بقتل عثمان، ولا كان قتله أعظم إنكارا عند الله ورسوله وعند المؤمنين من قتل عثمان، فإن عثمان من أعيان السابقين الأولين من المهاجرين من طبقة علي وطلحة والزبير، وهو خليفة المسلمين أجمعوا على بيعته، بل لم يشهر في الأمة سيفا ولا قتل على ولايته أحدا، وكان يغزو بالمسلمين الكفار بالسيف، وكان السيف في خلافته كما كان في خلافة أبي بكر وعمر مسلولا على الكفار، مكفوفا عن أهل القبلة، ثم إنه طلب قتله وهو خليفة فصبر ولم يقاتل دفاعا عن نفسه حتى قتل، ولا ريب أن هذا أعظم أجرا، وقتله أعظم إثما، ممن كان متوليا فخرج يطلب الولاية، ولم يتمكن من ذلك حتى قاتله أعوان الذين طلب أخذ الأمر منهم، فقاتل عن نفسه حتى قتل.
Sayfa 33