واقتصر من ملبسه ومسكنه، على ما تدعوه ضَرُورَتُهُ إِلَيْهِ، وَزَهِدَ فِيمَا سِوَاهُ، فَكَانَ يَلْبَسُ مَا وَجَدَهُ. فَيَلْبَسُ فِي الْغَالِبِ الشَّمْلَةَ «١» وَالْكِسَاءَ الْخَشِنَ، وَالْبُرْدَ الْغَلِيظَ، وَيَقْسِمُ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ أَقْبِيَةَ الدِّيبَاجِ «٢» الْمُخَوَّصَةِ «٣» بِالذَّهَبِ، وَيَرْفَعُ لِمَنْ لَمْ يحضر.
- إِذِ الْمُبَاهَاةُ فِي الْمَلَابِسِ وَالتَّزَيُّنُ بِهَا، لَيْسَتْ مِنْ خِصَالِ الشَّرَفِ وَالْجَلَالَةِ، وَهِيَ مِنْ سِمَاتِ النِّسَاءِ.
- وَالْمَحْمُودُ مِنْهَا نَقَاوَةُ الثَّوْبِ، وَالتَّوَسُّطُ فِي جِنْسِهِ، وَكَوْنُهُ لُبْسَ مِثْلِهِ، غَيْرَ مُسْقِطٍ لِمُرُوءَةِ جِنْسِهِ، مِمَّا لَا يُؤَدِّي إِلَى الشُّهْرَةِ فِي الطَّرَفَيْنِ.
- وَقَدْ ذَمَّ الشَّرْعُ ذَلِكَ، وَغَايَةُ الْفَخْرِ فِيهِ فِي الْعَادَةِ عِنْدَ النَّاسِ إِنَّمَا يَعُودُ إِلَى الْفَخْرِ بِكَثْرَةِ الْمَوْجُودِ، وَوُفُورِ الْحَالِ.
- وَكَذَلِكَ التَّبَاهِي بِجَوْدَةِ الْمَسْكَنِ، وَسِعَةِ الْمَنْزِلِ، وَتَكْثِيرِ آلَاتِهِ، وخدمه، ومركوباته، ومن ملك الأرض، وجي إليه ما فيها، وترك ذلك زهدا وتنزها، فهو حائز لفضيلة المالية،