وأما الأخلاق فأن تحاكى من المدوح خيريته، والخير موجود فى كل صنف ونوع على تفاوته؛ ويذكر أن خيريته نافعة موافقة، وأنها على أشبه ما ينبغى أن تكون به، وأنها معتدلة متناسبة الأحوال؛ وكذلك يجب أن يكون القول الدال عليه. — وأورد لذلك أمثلة. والأخلاق المحمودة: إما حقيقية فلسفية، وإما التى يضطر إلى مدحها بين يدى الجمهور وإن لم تكن حقيقية، وإما التى التى تشبه أحد هاتين وليس به. وجميعها تدخل فى المديح الشعرى. ويجب أن تكون خاتمة الشعر تدل على مقتضاه، فتدل على ما فرغ منه كما فى الخطابة لا كمثال أورده، وأن يخالطه من الحيل الخارجة بقدر ما ينبغى أن يخاطب به المخاطبون ويحتملونه، وأن يكون بقدر لا يكون الانسان معه غالبا وبقدر مطابق للعقول لو صرح به. — وذكر أمثلة.
ويجب أن يكون كالمصور فانه يصور كل شىء بحسنه وحتى الكسلان والغضبان. كذلك يجب أن تقع المحاكاة للأخلاق كما كان يقول أوميرس فى بيان خيرية أخيلوس، وينبغى أن يكون ذلك مع حفظ للطبيعة الشعرية وللمحسوس المعروف عن حال الشعر، فقد يذهب المحاكى أيضا عن طريق الواجب وعن النمط المستملح المستحسن.
وأنواع الاستدلال فيها الذى هو بصناعة أن يخيل لست أقول بأن يصدق: فإما أمور ممكنة أن توجد لكنها لم توجد، فيكذب من حيث لم توجد ويخيل من حيث يقع كذبه موقع القبول؛ وإما مقتناة من الأجسام حاصلة لها بالحقيقة فيشبه به حاصل فى الظاهر من المعانى، كالطوق فى العنق تشبه به المنة، والصمصام فى اليد يشبه به البيان. وما كان بعيدا عن الوجود أصلا فينبغى أن لا يستعمل، وكذلك محاكاة الخسائس. — وذكر أمثلة.
فهذا ضرب يستعمله الصناع من الشعراء الذين يستعملون التصديق. وبعض الشعراء يميل إلى أقاويل تصديقية، وبعضهم إلى اشتمالية إذا كان مرائيا بالعفة بارزا فى معرض اللوم والعذل.
وأما الوجه الثانى فاستدلالات ساذجة لا صنعة شعرية فيها، وهى شبيهة بالخطابة أو القصص، ويخلو ذلك عن الخرافة.
والثالث التذكير، وهو أن يورد شيئا يتخيل معه شىء آخر، كمن يرى خط صديق له مات فيتذكره فيأسف.
والرابع إخطار الشبيه بالبال بايراد الشبيه بالنوع والصنف لاغير، مثل من يراه الانسان متشبها بصديقه الفائب فتحسر لذلك. — وأورد أمثلة.
Sayfa 189