وأما حديث الانعطاف عن الماء فقد قال أصحاب الشعاع إن الشعاع إذا وقع عليه انبسط وانكسر أولا فأخذ مكانا أكثر ثم نفذ فرآه مع أكثر مما يحاذيه، وأما أصحاب الأشباح فقد قال بعضهم إن السبب فيه أن بعض ما يحاذى يؤدى على أنه منفذ فى المحاذاة وبعضه على أنه مرآة، ولا يبعد أن يظن أن الجميع يؤدى على أنه مرآة، والمرآة من داخل خلاف المرآة من خارج، وقال فاضل قدماء المفسرين إن البصر يعرض له لما يفوته من استقصاء تأمل الشىء أن يراه أبعد، ويتفرق البصر لتأمله فيعظم شبحه، ويمكن أن يؤكد هذا القول بأن الشىء الذى اعتيد أن يرى من بعد ما على قدر ما فإذا تخيل أبعد من حيث هو ولم ير قدره القدر الذى يخيله ذلك البعد بل أعظم منه لأنه بالحقيقة قريب رؤى له مقدار أعظم من المقدار الذى يستحقه بعده فيتخيل أعظم من المعهود، ثم فى هذا فضل نظر يحتاج أن يفطن له المتحقق للأصول ويكون بحيث لا يخفى عليه كيف ينبغى أن يكون الحق فى ذلك، ثم هذه الشبهة ليست مما يخص بلزومه إحدى الفرقتين دون الأخرى، فإن الانكسار الذى يقوله أصحاب الانكسار إن كان للصك فلم بقى على حاله ولم لا يرجع كرة أخرى فيستوى إذ طبيعة الشعاع أن ينفذ على الاستقامة؟ فإن كان هذا مستحيلا فى الشعاع النافذ إليه إذا لاقاه ثم ازداد الشىء غورا فلم يعرض له أن يزداد لغوره انكسارا؟ ولم لا يزداد بامتداده انتظاما؟ فإن القياس يوجب أن يحدث له بالامتداد اتصال لا تبسط، وبالجملة فنعم ما قال المعلم الأول حين قال لأن يمتد المبصر من سعة إلى ضيق فيجتمع فيه يكون ذلك فيه أعون على تحقيق صورته من أن يخرج الرائى من العين منتشرا فى السعة،
Sayfa 149