فلنحصل القول فى القوة المصورة أولا فنقول إن القوة المصورة التى هى الخيال هى آخر ما تستقر فيه صور المحسوسات وإن وجهها إلى المحسوسات هو الحس المشترك، وإن الحس المشترك يؤدى إلى القوة المصورة على سبيل استخزان ما يؤديه إليه الحواس فتخزنه، وقد تخزن القوة المصورة أيضا أشياء ليست من المأخوذات عن الحس، فإن القوة المفكرة قد تتصرف على الصور التى فى القوة المصورة بالتركيب والتحليل لأنها موضوعات لها، فإذا ركبت صورة منها أو فصلتها أمكن أن تستحفظها فيها لأنها ليست خزانة لهذه الصورة من جهة ما هذه الصورة منسوبة إلى شىء وواردة من داخل أو خارج بل إنما هى خزانة لها لأنها هذه الصورة بهذا النحو من التجريد، فلو كانت هذه الصورة على نحو ما فيها من التركيب والتفصيل ترد من خارج لكانت هذه القوة تستثبتها، فكذلك إذا لاحت لهذه القوة من سبب آخر، وإذا عرض لسبب من الأسباب إما من التخيل والفكر وإما لشىء من التشكلات السماوية أن تمثلت صورة فى المصورة وكان الذهن غائبا أو ساكنا عن اعتباره أمكن أن يرتسم ذلك فى الحس المشترك نفسه على هيئته فيسمع ويرى ألوانا وأصواتا ليس لها وجود من خارج ولا أسبابها من خارج، وأكثر ما يعرض هذا عند سكون القوى العقلية أو غفول الوهم وعند اشتغال النفس النطقية عن مراعاة الخيال والوهم، فهناك تقوى المصورة والمتخيلة على أفعالها الخاصة حتى يتمثل ما تورده من الصور محسوسة،
Sayfa 170