رسول الله: أن هؤلاء المستحلين هذه المحارم كانوا متأوِّلين فيها، حيث زعموا أن الشراب الذي شربوه ليس هو الخمر وإنما له اسمٌ آخر، إما النبيذ أو غيره.
ومعلومٌ أن هذا هو تأويل طائفةٍ من الكوفيين مع فضل بعضهم وعلمه ودينه، حتى قال قائلهم (^١):
دع الخمر يشربْها الغواةُ فإنني ... رأيتُ أخاها قائمًا في مكانها
فإِلَّا يَكُنْها أو تكُنْهُ فإِنَّه ... أخوها غَذَتْه أُمُّه بِلِبَانِها
ولقد صدق فيما قال، فإن النبيذ [و] إن لم يُسَمَّ خمرًا فإنه من جنس الخمر في المعنى، فكيف وقد ثبتَ أنه يسمَّى خمرًا؟ ! فلما ظنوا انتفاء الاسم استحلوها ولم يلتفتوا إلى وجود المعنى المحرم وثبوته، وهذا بِعَينه شبهة اليهود في استحلال بيع الشحم بعد جَمْلِه، وأخذ الحيتان يوم الأحد - كما تقدم ذكره -.
وروى ابنُ بطة (^٢) بإسناده عن الأوزاعي، عن النبي ﷺ قال: "يأتي على الناس زمانٌ يستحلُّونَ الرِّبا بالبيع" - يعني العِيْنة -.